TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عالم آخر :دار ومأزق في النجف

عالم آخر :دار ومأزق في النجف

نشر في: 20 مايو, 2012: 08:26 م

 سرمد الطائي الصورة التي بثتها محطات التلفزة مساء السبت من منزل السيد مقتدى الصدر في النجف، لاجتماع صانعي القرار السياسي العراقي، محاطة بمقارنات تاريخية مثيرة، وذكريات "حرب وسلام" بين الصدر وامريكا واياد علاوي، وتحولات وانتقالات من التشدد نحو الاعتدال بين الصدر وقادة القائمة العراقية الآخرين. وهي صورة لا تفصل بين فريقين في السياسة بقدر ما تفصل بين صيغتين لادارة الخلاف، يمثل الاول المالكي الذي ظل "معتصما" يصدر البيانات ببغداد،
 والثاني كل شركائه المحتجين وهم يستعرضون قدرتهم على التنقل بين مراكز القوى والمدن التي تعبر عنها.الصدر تعرض الى خطر الاعتقال على يد القوات الامريكية في هذا المنزل النجفي. وبعد 8 اعوام من ذلك التاريخ وجد نفسه يستضيف في المنزل ذاته، كبار قادة البلاد، ورئيس الحكومة الاسبق الذي كان جيشه يدخل في مواجهة مع "جيش الصدر". الصدر الذي كان مطاردا، اصبح مستضيفا للقادة.رئيس الحكومة الاسبق الذي شهد عهده محاولة دهم لدار الصدر في النجف، وجد نفسه ضيفا عليها متحالفا مع سياستها ومتشاورا بشأن "عدم ظهور دكتاتور جديد". ورائحة التاريخ لا تقف عند هذا الحد، فجواد البولاني وزير الداخلية السابق (وهل هناك وزير داخلية لاحق؟) تولى مع فريقه الامني قيادة صولة الفرسان ضد جيش الصدر، وهو ضيف على الصدر مساء السبت، في منزله. وكلاهما غريم يحتج اليوم على نوري المالكي الذي طار على بساط "الصولة" ليكسب آخر اقتراعين شهدتهما البلاد (مجالس المحافظات والبرلمان).رائحة التاريخ ومفارقاته كما رسمتها دار الصدر في النجف، تسجل تحولات عديدة. الساسة الذين تقاتلوا بالامس، يحاولون ان يتعلموا كيف يتحاورون. غبار المعارك انقشع لمصلحة "قواعد لعبة" يمكنها خفض مستوى الخسائر بشدة. والخوف المشترك من تفرد شخص واحد بالمصائر والمآلات، يجمع كل الخلافات على قاعدة تطلق مراجعة ضرورية لمسار البلاد.معظم الحاضرين اصدقاء للمالكي وشركاء في معظم الاوقات الصعبة. الاكراد وقفوا معه بقوة وساندوه في احلك الظروف. وهكذا فعل احمد الجلبي وجواد البولاني. والصدر نفسه كان الرهان الذي حسم للمالكي ولايته الثانية. يقف هؤلاء كلهم في دار بالنجف ويتشاورون "حول منع ظهور الدكتاتور" والمالكي غائب عن النجف كما غاب عن اربيل وكما قد يغيب عن اجتماع وشيك آخر.الساسة الذين تحاربوا بالامس، نجحوا في الجلوس والحديث الى بعضهم، والمالكي الذي كان صديقا للجميع منذ سنوات، عجز عن الالتحاق بهم. ما الذي منع المالكي ان يستقل مروحية ويسارع الى الجلوس مع شركائه في دار الصدر، ليستمع وجها لوجه ولأول مرة منذ عامين، على اعتراضات واسعة لا يسجلها شركاء الائتلاف الحكومي فحسب، بل يصرخ بها نخبة العراق والطبقات الاكثر دعما لمشروع الدولة المدنية؟المالكي غائب يكتفي بالبيانات وبالمتحدثين باسم فريقه وهم يوزعون تحذيرات ونعوتا سيئة وتأويلات قاسية، على طيف عابر للطوائف، يسجل الاعتراضات على ادارة الدولة.المالكي عاجز عن سماع انتقادات توجه له. ولحظة العجز هذه تصيبنا جميعا بالقلق وتفتح الباب على ردود فعل قد تعد متهورة، تمنع المالكي من الذهاب بمروحية في رحلة سريعة الى النجف، وربما تشجعه على البحث عن خيارات ترفع درجة التوتر، في اكثر الازمان توترا.الغائب المثير للانتباه هو المجلس الاعلى وزعيمه السيد عمار الحكيم، وفريقه الاكثر تميزا داخل التحالف الشيعي: عادل عبد المهدي وباقر جبر وهمام حمودي، وقد عرفناهم جميعا اصحاب مبادرة تصنع التسويات المعقولة، وغيابهم عن اربيل ثم النجف، لم يكن يعني ابدا انهم مع المالكي ضد الاحتجاجات التي تسجلها باقي كتل البرلمان، فهم سباقون لتسجيل كل الاحتجاجات التي نسمعها اليوم. اذن هل هي رغبة مؤقتة في الحياد؟ وهل الوقت مناسب للحياد اليوم؟ لم ينجح فريق المجلس الاعلى في اقناع المالكي بالدخول في حوار مع الشركاء. كما لم ينجح في الالتحاق بمشاورات "كبح جماح المالكي". بماذا ينشغل قادة المجلس هذه الايام، وهل سيكون التردد سبيلا معقولا للوصول الى لحظة تعبئة مناسبة في اقتراع مجالس المحافظات نهاية السنة؟اصرار المالكي على الغياب، وتمسك المجلس بحياد غامض، وحديث الصدر عن "مخاوف الدكتاتورية" وهو بمثابة "كارت اصفر" اشهر مرارا بوجه رئيس الحكومة.. هي حدود ترسم المأزق الشيعي اليوم. وهو مأزق شهدته تلك الدار النجفية عام 2004 وتعود لتشهده عام 2012.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يتوعد بـ10 استجوابات: ستمضي دون عراقيل

انتحاريون على أبواب حلب.. ماذا يجري في سوريا؟

الدفاع التركية تقتل 13 "عمالياً" شمالي العراق

مجلس ديالى يفجر مفاجأة: ثلاثة اضعاف سرقة القرن بالمحافظة "لم يُعلن عنه"

الشرطة العراقي يغادر إلى الدوحة لملاقاة بيرسبوليس الإيراني في دوري أبطال آسيا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram