عدنان حسين المُقرّبون من رئيس الوزراء نوري المالكي في الحكومة ودواوينها وفي "دولة القانون" (لا فرق) متوترون هذه الأيام. وأوضح مظاهر توترهم أنهم يُطلقون التصريحات من دون تفكير في دلالات ما يستخدمون من كلمات وتعبيرات. وقد يرجع هذا الى ان قضية سحب الثقة من السيد المالكي صارت متداولة كثيراً ومطروحة بجدية.
هؤلاء المُقرّبون الذين يقفون في الصف الأول من مساعدي السيد المالكي ومستشاريه ربما يرون انه اذا ما تحقق سحب الثقة من الحكومة وتعيّن بالتالي على المالكي أن يترك رئاسة الوزراء لمن يخلفه، يغدون هم مع خلفاء المالكي كالأيتام على موائد اللئام. وإذا حصل هذا، وهو أمر غير مستبعد بل شبه مؤكد، فليس عليهم أن يلوموا أحداً غير أنفسهم، ذلك انهم بعد ست سنوات من وجودهم في مناصبهم لم يعملوا على إنشاء ديوان رئاسة الحكومة العراقية كمؤسسة مستقرة تظل أبوابها مفتوحة ومكاتبها عامرة بصرف النظر عمن يكون رئيس الحكومة، وإنما ركّزوا جهودهم كلها ووجهوا مواهبهم كلها في سبيل إنشاء ديوان رئيس الوزراء (الحجي) الذي يقفل أبوابه ويصرف موظفيه بخروج صاحب الديوان. وللحق فإن هذا ليس مقتصراً على ديوان المالكي.. انه سمة بارزة من سمات الإدارة في دولتنا الحالية.. الوزراء والمدراء والمحافظون وسواهم يفعلون الشيء نفسه بتعيين المحازبين والخواص والأتباع والمتملقين في المراكز والإدارات المحيطة بالوزير أو المدير أو المحافظ ظناً منهم ان هذا يديم لهم البقاء في الكرسي ويحقق لهم المصالح والمغانم.مناسبة هذا الكلام أننا بدأنا في الأيام الأخيرة نسمع نغمة جديدة في تصريحات المُقرّبين من رئيس الوزراء، فهم يركزون على القول ان سحب الثقة من المالكي سيعرّض استقرار البلاد للخطر! أي اننا بإزاء معادلة مؤداها: المالكي هو الاستقرار والاستقرار هو المالكي، وبعده يكون الطوفان!هذا منطق غريب للغاية، فسحب الثقة من الحكومة ورئيسها ممارسة روتينية للغاية في النظام الديمقراطي، والتفكير بخلاف هذا يعكس عقلية غير ديمقراطية.ما معنى ان سحب الثقة من المالكي يُعرّض الاستقرار للخطر؟ هل هو تهديد بزعزعة الاستقرار.. أمنياً بالطبع؟ هل هو اشارة الى ان الذين كانوا يحتلون ساحة التحرير أيام الجمعة مسلحين بالتواثي (العصي الغليظة) لتخريب التظاهرات جاهزون لزعزعة الأمن والاستقرار؟سواء كان هذا هو المقصود بالتحذير أم غيره فإن الربط بين وجود أي شخص (المالكي أو غيره) واستقرار البلاد يمثل اهانة بالغة للشعب العراقي بأجمعه، فكأنما الثلاثة والثلاثون مليون نسمة ليس بينهم من فيه الخير للبلاد كما المالكي (أو غيره)، وكأنما السبعة عشر مليون عراقية لم يكن بينهن الا امرأة واحدة مناسبة لإنجاب (ابو الاستقرار)!.. هذا منطق صدامي بامتياز، فالمُقرّبون من صدام كانوا أيضاً يعملون على إشاعة فكرة ان زعيمهم هو الوحيد القادر على تحقيق الأمن والاستقرار للعراق وللمنطقة بأسرها، فيما لم يعرف العراق في تاريخه حقبة حافلة بالحروب الداخلية والخارجية المُهلكة والمُدمرة كما حصل في عهده غير الزاهر.
شناشيل :الخائفون من اليُتم
نشر في: 20 مايو, 2012: 08:27 م