طارق الجبوريبغض النظر عما يمكن أن تسفر عنه نتائج المهلة التي حددها اجتماع النجف للإجابة على رسالة الصدر التي وجهها بعد اجتماع أربيل الخماسي، وبعيداً عن مواقف بعض أطراف دولة القانون المتسرعة والمتشنجة، فإن رسالة رئيس الجمهورية جلال طالباني إلى القوى السياسية قد تصلح منطلقاً أو قاعدة لإعادة الأمل بإمكانية التوصل إلى حدود دنيا من التفاهمات تفضي إلى اتفاق هذه القوى على عقد المؤتمر الوطني بحضور دولة القانون.
وليس من المبالغة القول إن (مام جلال) كما يحب أن يطلق عليه حرص ومنذ تفاقم حدة الأزمة إلى ممارسة دور متوازن وضع فيه "مصلحة العراق وأمنه فوق أي اعتبار آخر " وهو أمر ليس بالهيّن أو اليسير في ظروف تمسك البعض بسياسة إما أنا أو الطوفان! في حين أن الموقف يتطلب تنازلاً من هذا الطرف أو ذاك والالتزام الفعلي بمضامين رسالة طالباني الداعية إلى الحوار والابتعاد عن التصعيد الإعلامي والاحتكام إلى الدستور خدمة لمصلحة الوطن بعيداً عن التفسيرات الجاهزة لبعض بنوده أو الانتقائية في اختيار ما يتناسب ومصالح طرف،وهو ما فاقم من المشكلة التي كبرت وتحولت إلى أزمة خطرة كالتي نمر بها الآن.في الوقت نفسه دعا المالكي في بيان صحفي " كل الأحزاب والقوى السياسية إلى تفعيل الحوار الوطني وانتهاج الأسلوب الدستوري والآليات الديمقراطية في حل المشكلات " والذي نتمنى أن تلتزم به شخصيات من دولة القانون كانت مهمتها تصعيد الموقف بخطابات هي أقرب إلى المهاترات ولغة " البلطجية " منها إلى لغة السياسة التي تعطي الحق والحرية لكل طرف سياسي بإبداء وجهة نظره وتصوراته عن الطرف الآخر بعيداً عن ذلك الذي يحاول فرض رؤية تجاوزتها المرحلة.. رؤية تخطّئ الجميع على حد سواء. ونعتقد أن جميع القوى قد وصلت إلى قناعة إلى أن الأزمة تجاوزت موضوعة اتهام الهاشمي أو سحب الثقة من نائب رئيس الوزراء المطلك، بل حتى تتجاوز موضوع سحب الثقة من عدمها عن المالكي نفسه وترتقي إلى أكثر من خلاف بين دولة القانون والعراقية أو التحالف الكردستاني.. إنها بصراحة تتعلق بشكل النظام وهويته الديمقراطية ووضع آليات ترسّخ قيم التآخي والتعايش بين كل مكونات المجتمع العراقي دون تهميش، لأنها الضمانة لوحدة العراق واستعادة قوته التي يحتمي فيها العربي والكردي والتركماني والصابئي وغيرهم.. قوة يشعر الجميع بأنهم صانعوها وأنها لهم ولأجلهم. قد يكون من المناسب وفي خضم هذا الوضع الإشارة إلى تأكيدات الحزب الشيوعي العراقي التي اتسمت بالصراحة والوضوح عندما قال خلال مؤتمر صحفي أول من أمس " إن البلد يواجه أزمة شاملة، إذ لم تتمكن القوى السياسية التي تصدت للعملية السياسية من إنجاز شيء يذكر طوال تسع سنوات " وربما من هنا يمكن البدء بحوار وطني حقيقي تكون قضايا الشعب في رأس أولوياته وتشترك فيه القوى الوطنية جميعاً.. عندها يمكن القول بإمكانية الخروج بحلول صحيحة ونافعة.
كردستانيات: الأزمة والبداية الصحيحة
نشر في: 21 مايو, 2012: 08:24 م