TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الدكتاتور القانوني في الموصل

الدكتاتور القانوني في الموصل

نشر في: 22 مايو, 2012: 06:48 م

عبدالكريم يحيى الزيباري*ماذا تفعل لو كنتَ ملكاً؟- لا أفعلُ شيئاً!*ومَنْ الذي يحكم؟- القوانين!هذا الحوار الفلسفي ساقَهُ فرنسوا كيناي(1694- 1774) لكن أحداً لم يسأل:
أين وظيفة القانون في الحد من صلاحيات السلطة وتقييدها؟أين قدرة وكفاءة ونزاهة مؤسسات الدولة في تطبيق القانون؟ماذا نفعل إذا لم تمارس السلطة دورها في بسط حكم القانون على الجميع؟ماذا نفعل إذا كانت القوانين أداة طيَّعة بيد الطاغية؟ ماذا نفعل وهو يلوِّحُ بسلاح التجريم في وجوه خصمائهِ السياسيين؟ينتهكُ القانون متى شاء بضميرٍ نائم، كعبارة نابليون عند دخولهِ باريس في 20/3/1815 عائداً من منفاه، بين صفوف الشعب المحتفلين،"أنا لم أغتصب تاج فرنسا، لقد عثرت عليه في مجاري باريس القذرة من فساد أسرة ال بوربون، فالتقطته بسيفي، ومن ينقذ الأمة لا ينتهكُ القانون". فالدكتاتور يرى أنَّ من حقِّهِ مخالفة القانون، ولقد رأيتُ صدام حسين في الثمانينات في إحدى خطبهِ يتهكَّم بالقانون "القانون نحنُ الذين وضعناه لخدمتنا، ومتى ما رأينا أنَّهُ يقفُ عائقاً، نحيناه جانباً " وهناك من هو أخفُّ حِدَّة، فإذا انتهك القانون، سيجدُ لنفسهِ تبريرات مختلفة، في نص محاضرة لكارل بوبر في جامعة القديس غال في سويسرا عام 1989 "المستقبل مفتوح ومتعلق بنا جميعاً، إنَّه متعلق بما تفعله وأفعله ويفعله غيرنا من الناس، اليوم وغداً وبعد غد، وما سنفعله متصل هو الآخر بفكرنا ورغباتنا وآمالنا وتخوفاتنا، بتعبيرٍ آخر، إنَّهُ متصل برؤيتنا العالم وبحكمنا وتقديرنا الإمكانات الكبيرة والواسعة والمفتوحة التي يحملها لنا المستقبل.. سقراط أول من فهم هذه الحقيقة، كان يقول بأن على رجل الدولة أنْ يكون حكيماً، بمعنى أكثر حكمة حتى يعرف أنَّهُ لا يعرف شيئا " . لكن ماذا نفعلُ مع حاكمٍ ذي سلطة، يعتقدُ جازماً أنَّهُ يعرفُ كلَّ شيء؟ فيتحدث في طبِّ العيون والسياسة والقانون والأدب والفلسفة والدين، والفنون، وكلَّ شيءٍ آخر، وماذا نفعلُ أمام الآخر الذي كَوَّن أحكاماً مسبقة عن الآخر المختلف؟ باعتبارهِ ذا درجة أدنى، ويلوِّح بعصا السلطة القانونية التي يملكها، يمسكها من الوسط، طرفها الأول سلاح التجريم قانونياً، وطرفها الثاني سلاح العفو العام أو الخاص.في الديمقراطيات الحديثة: مَنْ هو السيد: القانون أم الإنسان؟ مَنْ الذي يمارس الحكم؟ مَنْ الذي بمقدوره سحب القانون الذي يحتاجه من رفوف القضاة؟ مَنْ الذين يُعيِّن القضاة: الحاكم أم الشعب؟ في الولايات المتحدة يقوم الرئيس بتعيين القضاة كافة، بعد التشاور مع موظفي البيت الأبيض، ومكتب وزير العدل، واللجنة القانونية في مجلس الشيوخ، وبعض السياسيين النافذين، ما هي ضمانات استقلال هؤلاء القضاة وهم يدينون بالولاء إلى الشخص الذي قام بترشيحهم ودعم عملية تعيينهم؟ كذلك الأمر بالنسبة إلى القادة الأمنيين، ولم يحقق الغرب أدنى تقدُّم، حتى وقفوا سواسية تحت مظلة القانون، وكان قادتهم أول الملتزمين، وانغرست الثقة في حكم القانون، وتوفرت الحريات والأمن واستقرار المعاملات اليومية، فتحققت الرفاهية وقد عنونَ ابن خلدون في مقدمته  الفصل الثالث والأربعون في أن الظلم مؤذن بخراب العمران  فقال: "العدوان على الناس في أموالهم ذاهب بآمالهم في تحصيلها واكتسابها لما يرونه حينئذ من أن غايتها ومصيرها انتهابها من أيديهم وإذا ذهبت آمالهم في اكتسابها وتحصيلها انقبضت أيديهم عن السعي في ذلك... فإذا قعد الناس عن المعاش وانقبضت أيديهم في المكاسب كسدت أسواق العمران وانتفضت الأحوال وابذَعَرَّ الناس في الآفاق " وها نحنُ نرى الخراب والفقر في مدينة الموصل، خاصة بعد فرار رؤوس الأموال والتجار وغلق المصانع الخاصة والمشاريع الاستثمارية، ورغم انحسار حالات الخطف والابتزاز بعد انتشار نقاط التفتيش في كلِّ مكان، لكن الاغتيالات مستمرة على قَدَمْ وساق، ولم يعد أحدٌ من الذين ابْذَعَرُّوا في دمشق وعمَّان ومدن العالم، كما أنَّ بعض نقاط التفتيش تمارسُ إرهاباً وتضطهد المواطنين لأتفه الأسباب، ويطلقون عليهم أقذع الشتائم، وأحياناً يعتدون عليهم بالضرب والتوقيف لساعات وربما لأيامٍ تطول أو تقصر بحسب مكانة الموقوف الاجتماعية والاقتصادية وعلاقاته، وإنَّ غلق الشوارع التجارية الرئيسة، كشارع حي الجزائر لضرب تجارة الدجاج والبيض واللحوم، وغلق شوارع ضيقة في باب السراي لضرب تجار الجملة، وغلق البورصة في باب سنجار أو تحديدها بشارع واحد، إنَّ غلق الشوارع لن يسهم في توفير الأمن، لأنَّهُ يُسبِّبُ ضرراً اقتصادياً عاماً، والأمن لن يتوفر بدون مساعدة المواطن، الذي بفقرهِ وتعاسته وشعوره بالمظلومية واللامساواة، يشعر بالاغتراب أمام مؤسسات الدولة، ويفتقر الولاء إلى دولة تسهم في تحطيمه!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram