TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ملف "ثقافة اللاعنف فـي العراق"..العنف فـي المجتمع العراقي (3-3)

ملف "ثقافة اللاعنف فـي العراق"..العنف فـي المجتمع العراقي (3-3)

نشر في: 22 مايو, 2012: 06:49 م

 أ.د.قاسم حسين صالح يمتلك الإنسان منظومة ثنائية من الانفعالات : إيجابية وسلبية ، بمعنى أن كل انفعال إيجابي  يقابله انفعال سلبي مضاد له ( فرح  مقابل حزن..) . ولا يمكن للانفعالين  المتضادين أن يظهرا معا "  ، إلا في بعض حالات المرض النفسي أو العقلي مثل " الهوس الاكتئابي " .
ويبدو أن الطبيعة البشرية تميل إلى إظهار الانفعالات الإيجابية وترغب في ممارستها بحياتها اليومية ، فالإنسان يحب أن يكون فرحا" مبتهجا" ويكره أن يكون حزينا" مهموما" . وهذا يعني أن الإنسان يرغب ، بطبيعته، في ممارسة الحب وتجنب الكراهية في علاقته بالآخرين . ولهذه الحالة ثلاثة أسباب :الأول : بيولوجي يتعلق بالدماغ . ففي حالة الحب تنشط خلايا الدماغ وتنتعش ويرتاح ، فيما تضطرب حركة الموجات الدماغية الكهربائية في حالة الكراهية ، ويتعب الدماغ ، الذي يميل بطبيعته إلى ما يريحه ويتجنب ما يتعبه .والثاني : نفسي . فالشعور بالحب يجلّب المسرّة للنفس ، وينشّط حتى جهاز المناعة فيطيل العمر، ويجعلك تستمتع بالحياة وتراها على طريقة سعاد حسني ( بمبي)، فيما ينجم عن الكراهية الشعور بالتوتر ويعيش الفرد حالة المرعوب الذي يتوقع الشر في أية لحظة ، ويرى الدنيا ( سوده مسخمه) .  والثالث : اجتماعي . فالإنسان المحبوب اجتماعيا" يكون أكثر ميلا للتعاون ويجد المتعة في مساعدة الناس ، ولهذا فإنه يحظى باحترام الآخرين وتقديرهم له فيزيد من احترامه لذاته وتقديره لها ، فيما يكون الإنسان الذي يتصف بالكراهية أنانيا وحسودا ، ولهذا يميل الناس إلى الابتعاد عنه  فيعيش حالة العزلة والنبذ والحقد تنعكس على تدهور احترامه لذاته ، وقد يصل به الحال إلى أن يكره حتى نفسه  .  ولهذه الأسباب ( العضوية المريحة للدماغ والجسد ، والنفسية المريحة للروح ، والاجتماعية في العلاقة الممتعة بين الفرد والآخر ) فإن الغالبية المطلقة من الناس تتجنب الكراهية وتسعى إلى أن يكون الحب هو السائد بينهم ، باستثناء الحالات المصابة بأمراض عقلية أو اضطرابات في الشخصية  ، وهم قلّة . غير أن هنالك  كثرة بين الناس يبدون لنا طبيعيين  ولكنهم  عصابيون ، والعصابي تتحكم به  الكراهية رغما عنه وتثير فيه الانفعالات السلبية أكثر من الإيجابية .   هذا يعني أن الطبيعة البشرية السليمة نفسيا  تختار الحب عفويا" وتسعى إلى أن تجعله يسود بين الناس ، ولا تلجأ إلى الكراهية إلا مضطرة أو مجبرة .. فما أسباب ذلك ؟متى يضطر الإنسان إلى كراهية الآخر ؟الإنسان  منظومة من حاجات متنوعة ومترابطة ، تتمثل بالآتي :• حاجات البقاء : طعام ، سكن ، ماء ، هواء ...• حاجات اقتصادية : مصدر رزق يكفيه ولعائلته .• حاجات نفسية : الشعور بالحب والأمن والراحة وعدم توقع الشر أو الخطر .• حاجات اجتماعية : التمتع بمكانة اجتماعية تمنح التقدير والاحترام والاعتبار الاجتماعي . • حاجات معرفية وجمالية: الحصول على العلم والمعرفة والثقافة والاستمتاع بالجمال. • حاجات انتمائية : انتماء إلى : جماعة ، عشيرة ، حزب ، قومية ، دين ، مذهب ، ... يكون الفرد في حالة اندماج أو توحّد بها ، ويشعر بأن ما يصيبها من خير أو شر ، يصيبه . فإذا حرم الإنسان أو أحبط أو منع أو حيل بينه وبين تحقيقه هذه الحاجات المشروعة ، وشعر بأن الآخر ( فرد  ، طائفة ، حزب ، حكومة ، ... ) كان هو المسؤول ، اضطر إلى أن يكره من كان هو السبب . وأخف درجات الكراهية هي التي يشعر بها الفرد ويستطيع إخفاءها أو التعبير عنها بشكل خفيف ، وأوسطها درجة الغضب الذي يجري التعبير عنه لفظيا" ( السب ، التشهير .. ) أو جسديا" ( الضرب بالأيدي.. ) . ويحصل الغضب حين يشعر الفرد بأن صديقا له قد خانه أو خذله ، أو أنه لا يعامل بشكل عادل ، أو حين يتوقع حصول اعتداء عليه . وأقوى درجات الكراهية حين تصل إلى حالة " الحقد " التي تدفع صاحبها  لممارسة العنف ضد الآخر الذي يرى فيه المستلب أو المغتصب أو المانع لحق أو حاجة مشروعة تخصه أو تخص الجماعة التي ينتمي إليها .أما الظروف التي تساعد على التعبير عن الكراهية بين الجماعات أو تكبحه ، فتتعلق بالآتي :• طبيعة السلطة وسيادة القانون .• سيكولوجية طرفي أو أطراف الكراهية .• النتائج الناجمة عن مواقف الكراهية.• أطراف أو جماعات التحريض على الكراهية .  فحين تكون السلطة دكتاتورية أو قاسية في ظلمها ، ويكون القانون سائدا" ، وحكومة السلطة قابضة على النظام بيد محكمه ، فإن الناس المقهورين أو المظلومين يكبتون كرههم نحو السلطة بدافع الخوف منها .ويحصل أن الكراهية بين الجماعات في المجتمع الذي تحكمه سلطة دكتاتورية ظالمة ، تتراجع أو تدخل في دورة " سبات " لأن هذه الجماعات ، برغم اختلافها في الدين أو القومية أو المذهب..، توحّدها الكراهية نحو السلطة الظالمة التي تحكمهم.وحين تكون السلطة ديمقراطية وقوية في تطبيقها القانون وسيادة ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram