طارق الجبوري في النظم الديمقراطية العريقة وبغض النظر عن الآراء المتباينة حولها، يشعر المواطن بالأجواء الإيجابية التي يوفرها المناخ الديمقراطي للبرلمان والحكومة على حد سواء لممارسة دورهما في خدمة المجتمع بما يعزز الثقة بهما. مثل هذه الأنظمة ورغم ما تمتلكه من وسائل القوة والأجهزة الأمنية والاستخبارية لا يمكن تجاوز إرادة المواطن والتلاعب بحقوقه أو خداعه بالشعارات فكل حزب هناك يكون مسؤولاً عن تنفيذ برنامجه الانتخابي ويكون عرضة للمساءلة والحساب
إذا ما أخفق،بل يمكن أن يؤدي نشر قضية تلاعب بالمال العام من قبل أي مسؤول إلى إسقاط الحكومة. طبعاً لم نكن ننتظر أن نصل إلى هذا المستوى في ليلة وضحاها، خاصة وأن مشكلة أوطاننا الأزلية أننا نقول ما لانفعل وأن المبادئ أثناء المعارضة شيء وتطبيقها عند تسلم دفة الحكم شيء آخر.. نعم لم نكن يوماً مثاليين ليأخذنا الخيال بعيداً، لكنا أيضا كنا نأمل أن تسعى القوى السياسية، ولو بعد حين،إلى سلوكيات تجسّد إيمانها بما اتفقت عليه في الدستور من احترام الحريات وحقوق وكرامة الإنسان. لا نعتقد أن أحلامنا كبيرة إزاء ما قدمناه من تضحيات وصبر بعد كل هذه السنوات، فليس صعباً بعد تسع سنوات أن نحلم ببرلمان يحرص أعضاؤه على تشريع القوانين التي تهم المواطن ويراقبون أداء الأجهزة التنفيذية ويحاربون الفساد ويقترحون المعالجات العملية بعيداً عن التوافقات المحرّفة عن غاياتها، كما أنه ليس كثيراً علينا أن ننعم بحكومة تتسامى على المحاصصات وتقدم أفضل ما لديها للمواطن، غير أننا لم نحصل إلا على النزر اليسير من كل هذه الأسباب المعروفة للجميع وفي مقدمتها سوء الرقابة والإدارة معاً وعدم وجود تنسيق حقيقي بين مجلس النواب كسلطة تشريعية والحكومة كسلطة تنفيذية فدفعنا ثمن ذلك مزيد اً من الفرص الضائعة. لن أتحدث عن تجارب دول عالمية هي معروفة عند أغلب برلمانيينا ومسؤولينا الذين ما زالوا يحتفظون بجنسية هذه الدول ويحفظون أنظمتها عن ظهر قلب في حين أنهم لا يحترمون هنا حتى حق المواطن في الشارع فيصادرونه بمواكب حماياتهم.. لن أتحدث عن ذلك ولكني سأشير إلى خبر بسيط عن كردستان يقول إن رئيس حكومة الإقليم بادر بزيارة البرلمان لعرض نتائج زيارته الأخيرة إلى تركيا، وكانت فرصة لبحث زيادة التنسيق والتعاون بين رئاستي البرلمان والحكومة من أجل خدمة مواطني كردستان وتطبيق القوانين بشكل أفضل. لم ينتظر رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني بحسب علمنا طلباً من برلمان كردستان، بل بادر هو، ومن موقع الإيمان بأهمية دور البرلمان، بهذه الزيارة التي نأمل أن تتحول إلى نهج دائم يكرّس لمزيد من العمل باتجاه تعميق النهج الديمقراطي في التجربة الكردستانية. لن ندّعي وللمرة الألف،لكي لا يقال إننا نغضّ الطرف عن بعض الأخطاء في إقليم كردستان، أنه واحة للديمقراطية ولن نتظاهر بعدم وجود أخطاء وسلبيات، وإلا ما كان لورقة الإصلاح التي أعلنها الرئيس مسعود بارزاني من داع، غير أننا نقول إن هنالك أعمالا أكثر من الأقوال وهذا ما نريده أن يحصل في كل عراقنا العزيز.
كردستانيات: البرلمان والحكومة.. أعمال وأقوال
نشر في: 22 مايو, 2012: 08:12 م