سلام خياط من أولويات المعترك القانوني في سوح القضاء ، أن الاعتراف سيد الأدلة . لا يمكن دحضه إلا ببرهان أقوى منه ، أو حجة تجرح مصداقيته . بلى، الاعتراف سيد الأدلة ، شرط – وهو شرط وجوب – إلا يجري تحت أي شرط من شروط الإذعان ، كالتعذيب ، النفسي والجسدي ، أو التهديد ، أو الترغيب . هذه المبادئ هي الألف باء في قواميس المشرع القانوني ، والمحامين ورجال القضاء .
قبل سنوات – وربما لحد الآن – كنا نكيل الاتهامات بالخيانة والعمالة ، أو الانتماء للطابور الخامس بحق كل من ينبس ببنت شفة بشأن نظرية المؤامرة وتنسيب ما يجري على هذي المعمورة من مآس، لاسيما في البلدان ذات البؤر الساخنة بالطاقة والثروات لفعل فاعل. قبل سنوات، وتحديدا في عام 1987 كان اسم (القاعدة) غريبا دون شك، وربما جديدا على الأسماع ، ولم يكن أسم ابن لادن قد شاع، لينتشر فيما بعد انتشار النار في الهشيم ، وعندما أشتد ساعد ( القاعدة ) وصار اسمها مرهوبا وعلى كل لسان ، رمينا من كان يتجرأ ويقول: يا جماعة القاعدة صناعة أميركية . بقاذع القول ، ومن كان يجادل في الأمر نلقمه حجرا ليخرس ، فيخرس، رغبا، أو رهبا. قبل أيام ، زين لي صديق قديم أن أفتح رابطا على الإنترنيت ، لم أكن قد زرته من قبل، امتثلت... فوجئت بفيلم يظهر السيدة هيلاري كلينتون – وزيرة الخارجية الأميركية ، التي كانت السيدة الأولى في حقبة نشوء تنظيم القاعدة وازدهارها، وكانت – بلا شك – تطلع على كل صغيرة وكبيرة في دهاليز السياسة الأميركية ، الداخلية والخارجية ، ليس لكونها زوجة رئيس أكبر دولة فحسب ، بل لكونها حقوقية بالدرجة الأولى، واكبت صناعة القوانين، أو وضعها موضع التنفيذ.الفيلم يظهر السيدة كلينتون، تجلس على كرسي، تخاطب جمهورا وتتحدث بنبرة واثقة ، لا أثر فيها لإكراه ، ولا لأي شرط من شروط الإذعان. قالت: نعم.. نحن خلقنا تنظيم القاعدة ، نعم ، نحن من أوجدناهم، من عشرين سنة خلت، كان السوفييت قد احتلوا أجزاء حيوية من أفغانستان، وأفغانستان مفتاح منطقة حيوية ، فكانت خطتنا أن نخلق من يواجههم عن عقيدة ، فدعونا المتطوعين المسلمين مِنْ ( ذكرت أسماء دول عربية إسلامية ) ليجابهوا الخطر السوفييتي ، وتم تجنيد ما عرف فيما بعد بـ ( المجاهدين ) وتم تدريبهم وتسليحهم، وشحنهم بما يكفي لهزيمة السوفييت من المنطقة.ابتدأت السطور ، بمبدأ قانوني - الاعتراف سيد الأدلة - وها هي واحدة من صناع القرار تعترف دون إكراه ، أو ضغط ، أو إذعان ، بأن القاعدة صناعة أميركية ، بقاعدتها وقواعدها – بعلمهم وبدونه - فلماذا ترفع الستارة عن مشهد سابق ، الآن ؟ لننتظر سنوات عشرا أخر ، فلربما تكشف لنا - الوزيرة - حفيدة كلينتون عن أسرار الربيع العربي ، الذي تحول لشتاء قارس ، ذي بروق ورعود، وزلزلة ، لرسم ملامح خارطة الشرق الأوسط الجديد .
السطور الأخيرة:عالم مخيف.. والآتي أعظم
نشر في: 24 مايو, 2012: 04:35 م