TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن : هل نصحوا على انقلاب عسكري ؟

العمود الثامن : هل نصحوا على انقلاب عسكري ؟

نشر في: 24 مايو, 2012: 05:21 م

 علي حسين  هل يصبح الانقلاب العسكري حلما يراود ائتلاف دولة القانون؟ ، وهل سيطل علينا العسكر من جديد برتبهم ليرمون الجميع في السجون؟، رافعين شعارات من عينة العدالة والمساواة وتحرير آخر شبر من تراب الوطن، ليعيدوا لنا من جديد تاريخا كان أبطاله يعلقون الناس على المشانق مثلما يعلقون النياشين على صدورهم . عودة عصر الانقلابات يعني بالتأكيد عودة إلى زمن عصر المهيب الركن صانع أمجاد هذه البلاد، عصر القائد الملهم الذي لن يسمح لأحد أن يفكر في منافسته، عصر السجون المكتظة
 وساحات الإعدام المخيفة وزنازين الموت، عصر الاغتيالات والإذاعات التي تسبح بحمد البطل، تلك هي الصورة التي تخشى الناس ان تصحو يوما فتجدها واقعا مفروضا عليهم بقوة السلاح وبترهيب الأمن ، لقد دفع العراقيون جميعا الثمن غاليا من اجل التغيير والديمقراطية ، ولم يدر بخلدهم يوما أن تصرّ جهة سياسية واحدة على الاستحواذ على كل شيء ، لتثبت  للجميع أنها قوية، ولن ترضخ لمطالب شركائها السياسيين.  يخطئ ائتلاف دولة القانون كثيرا لو تصور أن المعركة التي تخوضها  القوى السياسية ومعها قوى المجتمع المدني معركة تستهدف شخص المالكي، أو أن يعتبرها المتشددون منهم معركة ضد الاستقرار، فمن الأفضل لهم أن يستوعبوا دروس هذه الأزمة جيدا، ذلك أن المعركة كانت ولا تزال ضد منطق الاحتكار والاستحواذ والتفرد، بصرف النظر عن الهوية السياسية لذلك المحتكر، المعركة اليوم من اجل العراق الجديد الذي نرفض أن  نجد أبناءه  يهتفون في الطرقات والساحات "بالروح والدم".  كان الناس يتمنون أن يجدوا أمامهم سياسيين ومسؤولين أقوياء في هدوئهم، فقد عانوا طويلاً من عهود سادت فيها قرارات الجور والظلم والتعسف، التي أوقعت العراقيين في مصائب كثيرة، وهزائم كبيرة ما زالوا يدفعون ثمنها حتى الآن. ظلت الناس تأمل برئيس حكومة يعلي مبدأ الحوار السلمي، لا ينحاز لطرف على حساب طرف آخر، رئيس وزراء يتعامل مع الجميع على مسافة واحدة، فالمسؤول والمواطن جزء من النسيج الوطني، رئيس حكومة، شعارها القانون أولا ، لكنهم وجدوا أمامهم عقلية سياسية تتعامل مع المختلفين   باعتبارهم أعداء للوطن وعملاء للخارج، كانت الناس تريد سياسيين يعبرون بالبلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات ؟ فوجدوا أمامهم مسؤولين يريدون العودة بهم إلى زمن القرون الوسطى، وأن يعيشوا عصر الشعوب الخانعة التي يحكمها عسكر مستبدون يحتمون بدبابات الجيش. اليوم نجد العديد من السياسيين والمسؤولين في حالة اقرب إلى التماهي مع العقلية العسكرية حيث يفاجأون كل يوم بابتلاع قطعة جديدة من السلطة التشريعية.اليوم على  قادة ائتلاف دولة القانون أن يفكروا بعمق في أسباب تحول مشاعر الناس ضدهم بدلا من اللجوء للحلول الأمنية، عليهم أن يراجعوا أنفسهم ويتلمسوا مواقع أقدامهم قبل أن يستدعوا دبابات الجيش لمحاصرة خصومهم السياسيين.إن على متنفذي ائتلاف دولة القانون أن يحددوا مواقفهم من شركائهم في الحكم  بوضوح في هذه اللحظة الفاصلة ويقولوا لنا بصراحة هل ضجوا بالإصلاح ، مثلهم مثل السيد المالكي ، وصارت شعارات الإصلاح السياسي ومحاسبة المفسدين وتحديد صلاحيات مكتب رئيس الوزراء شيئا لا يحتمل، وبالتالي فإن ما يجري اليوم طلاق لا رجعة فيه بينهم وبين جميع القوى السياسية، ولحظة اندماجا كاملة بينهم وبين قناعات رئيس الحكومة في إدارة البلاد ؟  نعرف جيدا أن السياسة فن اللعب على المصالح، لكن هناك فرقا بين أن تلعب بمصلحة البلاد أو أن تلعب كسياسي متنور أمامه أُفق مفتوح.  لا ادري ما الذي يدور في أذهان العراقيين اليوم ، لكننا حتما ندرك جيدا أن العراق يقع فعلا بين خطرين الاول: تصاعد هجمات رئيس الوزراء ضد خصومه السياسيين ، مقترنا بتكثيف القصف من قبل المقربين الذين شمروا عن سواعدهم لتشويه صورة الجميع  واعتبار الآخرين مصدرا للشرور والأخطار على العملية السياسية، والثاني والأخطر إصرار ائتلاف دولة القانون على أن العراقيين جميعا صاروا عبئا عليهم وجاء الوقت للتخلص منهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram