TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > يا سيادة القائد العام لكل شيء

يا سيادة القائد العام لكل شيء

نشر في: 26 مايو, 2012: 06:19 م

ماجد موجد أعرف أنك لن تقرأ هذا المقال لأن كل الذين حولك لا يريدون أن تعرف سوى ما تريد أن تعرفه،وما تريد أن تعرفه هو كيف تظل قائداً وقاعداً على كرسي الحكم مدة أطول ومهما كان الثمن.. لأنك لن تدفع شيئا من ذلك الثمن الذي مهما كان.. لكن على الرغم من ذلك علي أن أكتب مثل بقية أولئك الذين وجدوا أنفسهم مبهورين بحقيقة أن لديهم وطناً عظيماً وما من حجة لهم أمام حمير الساسة وضباع الحكومة سوى أن نكتب وندوِّن حرقة دمائنا ونحن نرى وطننا يضيع وتخفت صورته في عيون العالم..
كل يوم وأنا في الغربة أطالع أغلب الصحف الناطقة بالعربية مثلما أتتبع الفضائيات بحثا عن خبر عراقي يفتح ممر ضوء إلى كرامتنا التي اسودت وجف ماؤها طوال سنوات حكمك الرشيد..حتى أنني في يوم إقامة القمة العربية في بغداد ولأني شاهدت العالم  يهتم بذلك الخبر وأحسست أن بغداد هنا في كل مكان، أجهشت في البكاء فرحاً بعد أن رأيت ذات الدمع في عيني الإعلامي الدكتور احمد النواس وهو يضيفني في حلقة خاصة عن القمة وكنت أدافع بقوة عن أهمية هذا الحدث وقد أشدت بك لحظتها وأدنت خصومَك ممن يقلّل من أهمية القمة..أشدت بك مع أنني خرجت من العراق بعد أن يئست منك ومن قدرتك على حكم هذا البلد العظيم.. لكن كانت إشادتي هي اختبار لي كيف يمكن أن أكون مع الحقيقة وضد الباطل على الأقل في القضايا الكبرى من تلك التي اسمها مصير وطن يضيع.لكن اسمح لي يا سيادة القائد العام أن أقول لك إن صورة العراق في ظل حكمك الرشيد حسب ما تطالعها الصحافة العربية ما هي إلا صورة قاحلة وبائسة، إنها صورة للاستخفاف والاستنكار والانكسار، صورة غدت مثلاً يقتدى به للصوص النهب والخراب والظلام..هكذا نحن في ظل حكمك الرشيد ما من رائحة سوى رائحة الفقر والقمامة وما من صوت سوى زعيق الرهبة والخوف مما ننتظر، ما من صورة سوى تلك المحشوة فيها وجوه مسخ تنتصب على رقاب ثدييات منقرضة لا نرى فيها من معنى سوى دبق أصفر من حواف الأشداق الكريهة وبالكاد نقبض أمعاءنا عن التقيؤ لشدة بؤس الحياة ومرضها تحت ظلال رائبة في الحظائر "الخضراء".ياسيادة.....الـقائد هذه حياتنا الآن، حياة غفل مخفورة بالأساطير واللطم حول صناديق الذهب والفضة وآبار النفط، حياة مشدودة أوصالها بين ألسنة ساسة لا يفقهون من السياسة شيئاً... توشك أدمغتهم أن تتصدع لشدة ماهم سادرون فيه من طمع وجشع، مدمنون على وهم عقائد بالية مثل تلك التي أدمنتها عجائز الحواري والأزقة، أحاجي عرافات ومسابح أضرحة ومباخر سحرة. ما من يد سوى تلك التي تحسن الضغط على زناد بندقية أو على مقبض خنجر أو التي تدربت على مفاتيح ذخرنا ومتاعنا لتنهبَ النفيسَ النفيسَ وما أن يتفوَّه شاحبٌ من الجوع ليسأل عمن يسرق قوته وهو في الظلام أحاطته ثعالب التاريخ بكروشها وأنيابها ومخالبها وهي ترفع رؤوسها إلى السماء حين تخرج أصواتها المنكرة، فما من بدٍّ أمام الناس حينئذ سوى الانكسار والذل. لقد شبعنا من الذل والموت يا سيادة القائد العام، حتى غدا السقيم فينا هو الأوفر حظاً، ما من ليلٍ مضيء وما من نهار نرى فيه اخضرارا، ولو احد منا مدَّ يده في الليل ليجد لحاء جدارٍ  سيشعر بشيء من آدميته أكثر من ذلك الذي ينام بجوار علب من الصفيح بنيت تحت ظلال سيادتكم لتسكن فيها عوائل عراقية تظهر صورهم كأنهم من أشد البشر فقراً ويكتب تعليقا عليها في صحف الخارج، أسر من بلاد الرافدين، بلاد سومر وأور وأكد وبابل والتمر والنفط والمعرفة والعلوم، أسر منحدرة من أناس علموا كل الناس حرفة الكتابة والشعر والجمال..من موتٍ إلى موت، من قمع إلى قمع، من جوعِ إلى جوع، من ضياع إلى ما لا نهاية من فتنة الغربة واللاجدوى. نفس القتلة واللصوص والأفاكين والدجالين لا شيء سوى تبدل الأقنعة لتتبدل أساليب الانتهاك المهين، كل مرة يتسيّد قطيع ويستذئب ويتقاتل ويحشر معه من تنطلي عليه البدع وما أن يتسلط حتى يفتك بحياة الناس وأحلامهم وخيراتهم وكلما قال احدهم هذه خيراتنا من نعم الله ونحن خلقه، هدرت عليه وجوه مكفهرة تخرج من كهوف الرعاع والبداوة لتصرخ أصواتهم: نحن سدنة الله. يبهت أحدنا وليس له سوى صبر غير جميل وانصياع محتقن بالجزع، فحتى متى نطيع هذا البهتان وقد مسّنا من الضر ما لا نقوى معه على إيمان أو طاعة..؟يا سيادة القائد العام لكل شيء عشرة  أعوام ستنتهي وأنت موجود بكلِّ جلالة قدرك في أكثر الأماكن أهمية تدرجت بها أنت وحزبك وأهل بيتك وعشيرتك حتى صرت القائد العام، فهل رأيت شيئا (سيادتكم) مما نحن فيه؟ نحن نعرف أن أغبياء الساسة وأوباشهم أوهموك حتى أصبحت ما أنت عليه الآن، لكن في المحصلة لن يرحمك احد.. تعرف سيادتكم (وكنت مثلنا) لم نصدق أننا تخلصنا من حكم صدام حتى رأيناه يتدلى من حبل المشنقة وان كان ما حوله أشد مضاضة وفتكاً، لكن كما يقول المثل المصري (محدش يمسك البردعة ويسيب الحمار).. أجلّكم الله..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram