علاء حسن العاصفة الترابية الاخيرة جعلت الكثير من العراقيين يقارنون اوضاعهم المناخية على وجه التحديد بعباد الله الآخرين من سكان الدول "الفايخة" ، وبعضها مجاورة للعراق، وبشيوع استخدام الكمامات الواقية من الغبار، تداول المتذمرون الحديث عن الحزام الأخضر للعاصمة بغداد، وبعضهم عزا اسباب تكرار العواصف لعوامل سياسية والخلاف القائم بين الاطراف المشاركة في الحكومة ،
وآخر اتهم تركيا بتدمير البيئة العراقية برفضها منح العراق حصته المائية طبقا لبنود الاتفاقات الدولية بين الدول المتشاطئة، ولعل اغرب تعليق قيل للتعبير عن المعاناة قول احدهم :" نحن نعيش في مقابر الصومال" وهذا القول اثار اعتراض احدهم ، لما تضمن من تلميح بحسب تفسيره، يستهدف الاستهانة بجهود الحكومة في توفير افضل الخدمات للمواطنين وسعيها لاحاطة بغداد بحزام اخضر، ومحاولة لاثارة ازمة سياسية مع دولة عربية شقيقة حضرت مؤتمر القمة واعلنت موقفها الداعم للعراق ، واشادت بتجربته الديمقراطية. المعترض على استعارة مقابر الصومال وإسقاطها على الواقع العراقي، تحدث عن فوائد العواصف الترابية ، بقتل الجراثيم وطرد الذباب ، وانخفاض درجات الحرارة ، الأمر الذي سيؤدي الى استقرار التيار الكهربائي ، والتمتع بمشاهدة الفضائيات ومنها الصومالية ان وجدت ، للتعرف على احوال البلد الشقيق السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، من عادات وتقاليد ، وحرص اهالي العاصمة مقاديشو على التزام الصمت ، وتمسكهم بالصبر الجميل في مواجهة صعوبات المناخ الصحراوي باستخدام وسائل بدائية للتخلص من العواصف الرملية ، والاستعانة بالبعران في التنقل نهارا عندما يكون مدى الرؤية اقل من خمسين مترا.ما يلفت النظر في قول المعترض على تشبيه حياة العراقيين بحال مقابر الصومال مع كامل التقدير والاحترام للشعب الشقيق ، الاشارة الى دور الغبار في استقرار التيار الكهربائي ، وهذه النظرية اقرب ما تكون لأساليب النظام السابق ، عندما حشد الجهد الاعلامي الرسمي للتغطية على فشله في توفير الطاقة ، بالتركيز على شح المياه ، والحظر الاقتصادي المفروض على العراق بمنعه من استيراد معدات لكري الانهر ، وقيام اصحاب "النفوس الضعيفة" بسرقة قطع الغيار الاحتياطية المخصصة لمحطات التوليد، وتهريبها الى الخارج ، فضلا عن الضغط الكويتي على الامم المتحدة للوقوف ضد جهود العراق في اعادة البنية التحتية المدمرة نتيجة العدوان الثلاثيني" ، وبعد ان وصلت الرسالة الى الرأي العام المحلي ، حصل الاعلاميون انذاك على "المكرمة " المالية ، تثمينا لجهودهم الوطنية "المشرفة" في الدفاع عن العروبة واحباط المخططات الدولية التآمرية الساعية ، للنيل من التفاف الشعب العراقي حول القائد الرمز ، وبعد عواصف سياسية شهدتها المنطقة ، تم اكتشاف مقابر جماعية تضم رفات ضحايا النظام من النساء والشباب والرجال وحتى الاطفال من العرب والكرد ، في معظم المدن العراقية لخصت بشاعة الجرائم ضد الانسانية ، لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلا لها ، في دول المنطقة ، ومنها الصومال الشقيق .
نص ردن :مقابر الصومال
نشر في: 26 مايو, 2012: 07:02 م