TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ملف "ثقافة العنف في العراق"(4)..العنف ومصادره بعد سقوط نظام صدام

ملف "ثقافة العنف في العراق"(4)..العنف ومصادره بعد سقوط نظام صدام

نشر في: 26 مايو, 2012: 08:02 م

جاسم العايف توطئة في العنف من المستحيل حصر العنف في العراق بفترة معينة من تاريخه، ولا  في ممارسته من قبل جهة سياسية - اجتماعية عراقية واحدة، فعبر تاريخ العراق لا يمكن تبرئة جهة ما أو مكون معين من استخدام العنف ، حكاماً ومحكومين وكذلك كل الدول الإقليمية المجاورة للعراق وبعض البعيدة عنه سواء بشكل مباشر أم غير مباشر،
ومن يدقق جيداً في تاريخ العراق سيجد أن الكل، ومن جميع الجهات، قد أوغل بالدماء العراقية. لكني سأقصر حديثي على المشهد العراقي منذ 9 /نيسان العام 2003 حيث بات العراق وشعبه ومشهده اليومي ووقائع الحياة الجارية فيه محط أنظار العالم.ومهما نأت بقعة عراقية بسبب الجغرافيا فإن ثمة مَنْ يسلط على ما يحدث فيها الضوء لأسباب عدة منها ما هو إيجابي للفت النظر من أجل تحاشي مسبباتها دعماً لإقامة نظام إنساني - عادل واعد يتسم بشفافية الحياة المدينة وينأى بالعراق والعراقيين عن حاضر دامٍ ملتبس وماض قاس عانى خلاله العراقيون العذابات والويلات طيلة عقود متواصلة، ولم يتحصل لهم  سوى اكراهات السلطات المتعاقبة وتعسفها. ومن أجل تمتين القيم الديمقراطية الناشئة في العراق ، دون تراث يعتد به، تعمل بعض الجهات والمنظمات المدنية، على وفق هامش الحياة المدينة الذي بدأ بالتراجع تدريجياً ، وتهرؤ جدران العزلة، على متابعة ورصد المشهد العراقي الراهن.  تبدو دراسة المشهد العراقي بعد سقوط النظام الفاشي ورصده محفوفة بمخاطر عدة، قسم منها يتعلق بموضوعة الرصد ذاتها، والآخر يندرج بالتوصيف وحدوده ودراسته لغرض تحليله واستخلاص نتائجه، والمخاطر التي تواجه عملية الرصد والتحليل، في ظل مظاهر تكريس وتفعيل الاستقطابات الدينية -الطائفية والمناطقية والعشائرية. خاصة تلك التي أفرزتها انتخابات مجالس المحافظات والتي استأثرت بالمنافع، عبر تواطئات لا حد لها ، ومعروفة وهي حديث  الشارع العراقي الشعبي والرسمي من دون أن تعبأ-المجالس- أو ما يطلق عليه بـ"الحكومات المحلية"، والتي يتميز عملها بالكثير من الطعون التي لم تعد خافية على ابسط المراقبين. إن دراسة المشهد العراقي الراهن والقوى المتحكمة بالقرارات الرسمية خاصة في المحافظات، بحيادية تجعل تلك العملية معقدة وشاقة إلى الحد الذي ربما يضعها في دائرة الشكوك وسوء النوايا والتباسات المقاصد من قبل فئات وجماعات، منتفعة بالتحكم بالسلطة ومغرياتها ومنافعها، وترى أن وضع الحقائق أمام الرأي العام يحط من توجهاتها ويقلل من شرعيتها وسيعدم التفاف الناس حولها. والمشقة في رصد المشهد العراقي تأتي من توفر عوامل عدة مؤثرة فيه منها القوات الأجنبية، سابقاً، وطبيعة السلطة وتوجهاتها والقوى السياسية وتعدد مرجعياتها ومكوناتها الاجتماعية وكثرة وتنوع الجماعات المسلحة، قبل التصدي لها من قبل الحكومة المركزية، التي كتمت كثيرا من أسرار بعضها لأسباب طائفية – سياسية نفعية ، بينما فضحت وأعلنت عن بعضها، حدثت في أماكن أخرى لذات الأسباب، كل ذلك افرز ظواهر وحالات ملتبسة متداخلة ، بعضها لا تاريخ له في الواقع الاجتماعي العراقي وبعضها يُؤوّل لأسباب ودوافع سياسية واجتماعية معقدة ، وبالتالي فان أي توصيف أو عبارة و تحليل سيعد في ضوء الاستقطابات تلك قابلاً للتأويل ويمكن أن يعد بصفته "تحيزاً" ضد طرف ما وسيقود إلى الاستنكار وربما ردود الأفعال، القاسية، غير المحسوبة. ولتحاشي ذلك يتم العمل على "رصد" كل ذلك على وفق ما يوصف  بـ"المنهج الحيادي" من قبل جهات مدنية عدة، وبمساعدات دولية في أهمها ما تقدمه الأمم المتحدة، وبعض المنظمات الدولية عن طريق الخبرات والمستلزمات اللوجستية، وهذا النهج يقوم على معلومات موثقة تماماً، أي أن لا يتم طرح موضوعة من دون التدقيق فيها، ومن دون التأكد من صحتها، وقد انحصرت تصوراتها في: العنف واستخدامه السياسي/ الحريات العامة/ حقوق النساء/ حرية التعبير والمعتقد. ومع تداخل هذه الموضوعات ضمنياً فانه يتم رصد وتحليل البيانات في ضوء مرجعيات واضحة معلنة هي (الدستور العراقي) الحالي، رغم بعض التحفظات عليه من قبل شرائح ومكونات عراقية عدة، والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. في محور العنف يلاحظ التباين في التعريفات التي يقدمها المعنيون بعلم الاجتماع وعلم النفس لمصطلح العنف ويمكن التمييز بين نوعين من العنف: الأول العنف المجتمعي الذي يركز على أسباب عدة منها اجتماعي وثقافي واقتصادي وسياسي. والثاني هو ما يسمى بـ "العنف السياسي"، وفيه يتم اعتماد وتوظيف العنف لأغراض سياسية، وهذا الأمر هو المعني بالرصد لأن العنف المجتمعي لا يمكن دراسته آنياً في العراق إلا عبر أبحاث ودراسات تقوم بها مراكز متخصصة تستوجب مسوحات وإحصاءات  وبيانات للوضع العراقي، واستطلاعات للرأي العام فيه وتعمل عليها  فرق بحثية متخصصة لا يمكن توفيرها حالياً أو على المستوى المنظور. يلاحظ أن العنف ومصادره وفواعله الظاهرة والجهات والأطراف المتحكمة به في العراق، منذ سقوط النظام هي: القوات الأجنبية والجماعات المسلحة ذات الأيدلوجيات المتطرفة، من أغلب الجهات، الاجتماعية - السياسية العراقية والتي تسعى لتقويض أسس بناء دول

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram