طارق الجبوري يبدو من طبيعة التصريحات ان دولة القانون ما زال متمسكا بموقفه تجاه قضية اختيار بديل لرئيس الوزراء نوري المالكي من داخل التحالف الوطني التي اجمعت عليها غالبية القوى السياسية في أربيل واكدتها في اجتماع النجف . وبغض النظر عن المواقف المتشنجة التي يشترك فيها الجميع ولكن بدرجات متفاوتة ،
فإن الحكمة كانت تتطلب من الطرف الممسك بالسلطة اكثر من اي غيره خيار"التهدئة" واعتماد موقف يزيح بعض الشيء عن الاطراف الاخرى تخوفها من ممارسات توحي بمحاولة التفرد وعدم اشراك الاخرين بما فيهم مجلس النواب بالقرارات الإستراتيجية ، بدلاً من اتخاذ قرارات تزيد من درجة اشتعال فتيل الازمة كقرار ايقاف ارسال البنزين الى إقليم كردستان والتلويح بجمع تواقيع ضد النجيفي وغيرها اضافة الى هذه اللامبالاة حيال نشر وثائق عن حالات فساد كبيرة وابرام صفقات وهمية بمبالغ تتجاوز الستة مليار دولار، كما جاء في بيان رئاسة إقليم كردستان الاخير رداً على ما ذكره المالكي . اليوم ونحن نعيش مثل هذه المواقف فإن السؤال الذي يدور في ذهن كل مواطن وبات حديث الشارع هو هل من الممكن لاحد فعلاً ان ينحاز اخيراً للحلم الديمقراطي ويترفع عن اغراءات السلطة وهواها ويختار طوعاً ازاحة هذا الحمل الثقيل عن كاهله بدلاً من المكابرة والاصرار على التمسك بكرسي السلطة المغري ؟! لن نكون مثاليين وندعي ان الموقف سهل خصوصا ان عقليتنا وثقافتنا القديمة ما زالت تتحكم بالكثير من تصرفاتنا . فقد يكون طبيعياً ان يستقيل رئيس الوزراء في اية دولة اخرى من غير عالمنا العربي المثقل بالمظاهر والشعارات البراقة التي ساهمت بابقاء مستبدينا على سدة الحكم وجعلت منهم شبه آلهة واوصياء على الشعب ، لذا ترانا خائفين جداً ونحن نرى هذه الصورة تريد ان تعيد نفسها في عراق لم يعرف شعبه طعم الراحة والطمأنينة منذ الاف السنين . ربما من من الصعب علينا ان نقول لاي كان ان يستقيل هكذا وببساطة ، لكن من حقنا ان نتمنى ان تكون هنالك مراجعة موضوعية لمسيرة السنوات الماضية وعن الذي تحقق فيها .. قد لا يكون طرف بعينه مسؤلاً عن كل هذا الاخفاق حيث ان لكل كتلة ممثليها في الحكومة ، غير ان هذا لا يبرر السكوت عن كل هذا الذي جرى ويجري وملفات الفساد المخجلة . لا نظن ان احداً من مجلس النواب او الحكومة لا يعرف حقيقة تحكم افراد معدودين باقتصاد البلد باتفاقات مشبوهة كنا نحن البسطاء ندفع فواتيرها .. وعذراً اذا كان في حديثنا بعض الصراحة لكنها الحقيقة التي يجب ان نعترف بغيابها من قاموسنا على مذبح المحاصصة والتوافق . كعراقيين كرد او عرب او تركمان وغيرهم لم نكن نرجو ان يصل الامر الى هذا الحد ، غير اننا سئمنا ترهل مجلس النواب واداءه السيئ وسئمنا عجز الحكومة عن توفير الحد الادنى من احتياجاتنا ، ومشاهدة ملايين العراقيين يعيشون تحت خط الفقر وعشرات الالاف يئسوا من التعيين وامثالهم من اليتامى والمعوزين يبحثون في القمامة عما يسد رمقهم ..عذراً والف عذر لا تتجاوزوا على احلامنا وتعتدوا عليها .. فهذا وحده يكفي للمساءلة والحساب .
كردستانيات: لا تتجاوزوا على أحلامنا!
نشر في: 26 مايو, 2012: 08:47 م