كان/ عرفان رشيد شهدت قاعة "ديبوسّي" في مدينة كان الساحلية الفرنسية، قُبيل الختام الرسمي للدورة الخامسة والستين لمهرجان كان السينمائي الدولي بأربع وعشرين ساعة، حفل توزيع جوائز برنامج (نظرة ما) الذي يشكل الرافد الأساسي الثاني للمهرجان إلى جانب المسابقة الرسمية. وتضمّن عشرين فيلماً أنجزها ستة وعشرون مخرجاً من سبعة عشر بلداً، أربعة منها كانت أعمالاً أولى لمخرجيها وتتنافس على جائزة (الكاميرا الذهبية). وكان ضمن هذا البرنامج فيلم "7 أيام في هافانا" والذي أخرج أحد أجزائه السبعة المخرج الفلسطيني إيليا سليمان.
ترأس لجنة التحكيم النجم البريطاني تيم روث وضمّت في صفوفها الممثلة الجزائرية ليلى بختي ومسؤولة السينما في مركز بومبيدو بباريس سيلفي براس والمخرج والمنتج توني مارشال والناقد الأرجنتيني لوتشانو مونتيغوادو.وعلى عكس العادة، حجبت اللجنة جائزة أفضل ممثل في هذه الدورة، واختارت أن تمنح جائزة التمثيل إلى ممثلتين فرنسيتين أبدعتا حقاً أداءهما واستحقتا الجائزة، وجاءت هذه بمثابة تأكيد على أهمية إسهام الفنانات في إنجاح الأعمال السينمائية التي عُرضت في المهرجان.وكان تيم روث قد وصف برنامج (نظرة ما) بقوله إن "هذا البرنامج، برنامج (نظرة ما) هو افصل برامج المهرجان، وقد أتيحت لي فرصة متابعة أفلام البرامج الأخرى، وبمقدوري التأكيد بأن اختيارات (نظرة ما) هي الأفضل على الإطلاق". وقال في مقدّم مداخلته قُبيل الإعلان عن الجوائز إن "الفائز الحقيقي بجوائز (نظرة ما) هم جميع المساهمين في الأعمال التي شاهدتها لجنة التحكيم"، وختم قوله "لقد أثارت هذه الأفلام بيننا في لجنة التحكيم نقاشات رائعة، والأهم من ذلك، لم يترك لنا المخرجون لحظة شرود واحدة خلال عروض الأفلام".وفيما خلا برنامج المسابقة الرسمية للمهرجان المتضمّن 22 فيلماً من أية مخرجة، حَفَل برنامج (نظرة ما) بالمخرجات وبالأدوار النسائية الرائعة، ما دعا رئيس لجنة التحكيم إلى الإعراب عن امتنانه "للكتاب والمخرجين والتقنيين الذين برعوا وأحسنوا في كتابة وإنجاز وتنفيذ تلك الأدوار". وكانت مثقفات وفنانات فرنسيات احتججن على إدارة المهرجان لدى انطلاقه في السادس عشر من الشهر الجاري، واتهمنّ المدير الفني للمهرجان تييري فريمو بالتحيّز إزاء النساء وتغليب الطابع الرجولي على خياراته في المسابقة الرسمية، ما دفع فريمو إلى التصريح بأن "المهرجان لا يحدّد موقفه من الفيلم إلاّ على الأسس الفنية والمعايير الإبداعية".المكسيك، البوسنة وفرنساذهبت ثلاثة من جوائز برنامج (نظرة ما) الخمسة إلى فرنسا والمكسيك وإلى البوسنة، وقررت لجنة التحكيم التي ترأسها تيم روث منح جائزة التمثيل إلى الممثلتين الفرنسيتين إيميلي ديكين عن دورها في فيلم "مورييل تفقد رشدها - وعنوانه الإنجليزي (أولادنا)"، من إخراج البلجيكي جواكيم لافوس، وإلى سوزان كليمان عن دورها في فيلم "لورينس على أية حال" للمخرج سافيير دولان. ولم تمنح اللجنة الجائزة مناصفة إلى الممثلتين، بل حجبت جائزة التمثيل الرجالي واستخدمت حقها في خيار منح الجائزة إلى ممثلة أخرى. وشهدت خشبة المسرح في قاعة ديبوسّي عناقاً طويلاً بين تيم روث والمخرج الفرنسي غوستاف كيرفيرين الذي أنجز فيلماً كوميدياً بعنوان "الليلة الكبيرة" منحته لجنة التحكيم جائزتها الخاصة. وأعرب تيم روث عن امتنانه للمهرجان إدراجها ضمن البرنامج لفيلم كوميدي، ودعا إلى"زيادة المساحة للكوميديا في المهرجان".ومُنحت إشادة خاصة إلى المخرجة البوسنية عايدة بيجيك عن فيلمها "أطفال ساراييفو". وعبّرت بيجيك عن امتنانها للجنة التحكيم لمنحها الجائزة، وأعربت عن أملها أن "تسهم هذه الجائزة في شحذ الاهتمام بثقافتنا الوطنية في البوسنة والتي تواجه مخاطر كبيرة، فأرشيفنا الوطني ومكتبتنا الوطنية تواجه مخاطر الدمار، فيما صالاتنا السينمائية في وضع يُرثى له".ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الكبرى إلى المخرج المكسيكي ميشيل فرانكو عن فيلمه " Despuės de Lucia". ويروي شريط المخرج المولود في الثامن والعشرين من آب 1979. يوميات المراهقة آلياندرا التي تُضطر إلى الرحيل من مدينتها برفقة والدها، ويتابع ما تعانيه فتاة صغيرة تركت وراءها أشياءً كثيرة تربطها بمسقط رأسها وحلّت في مكان غريب عنها بالكامل.رينوارانواختتم حفل توزيع جوائز برنامج (نظرة ما) بعرض فيلم الختام "رينوار" للمخرج الفرنسي جيل بوردوس، والذي روى السنين الأخيرة من حياة الرسام الكبير آوغوست بيير رينوار وميلاد المخرج العالمي الكبير جان رينوار. وتتزامن الفترة التي تجري فيها أحداث الفيلم مع منتصف الحرب العالمية الأولى وحتى عام 1919. صُوّر الفيلم في منطقة غير بعيدة عن "كان" وأصرّ المخرج على إظهار الفيلا التي عاش فيها الفنان رينوار وكأنها جزيرة غريبة عن الأرض التي كانت تشهد في تلك السنين حرباً طاحنة لم تكن فرنسا لا بالغريبة ولا بالبعيدة عنها. وقد تأتي هذه القراءة لتأكيد الانتقادات التي وُجّهت إلى رينوار (الأب) حينها كونه لم يعلن عن أي موقف مناهض للحرب وعاش كمن لم يشعر بها، رغم كون الحرب تركت ندوباً كبيرة وعميقة على أبنائه، وبالذات ولده الأوسط ورائد السينما العالمية جان رينوار. استعادة جميلة لحياة فنانين كبيرين تركا بصماتهما على الفن العالمي بأسره، مُفعمة بميلود
لفرنسا حصة الأسد في جوائز (نظرة ما) والفائز الأكبر مكسيكي
نشر في: 27 مايو, 2012: 09:06 م