TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > لماذا يُزجّ المواطنون فـي معارك السياسيين العبثية؟

لماذا يُزجّ المواطنون فـي معارك السياسيين العبثية؟

نشر في: 27 مايو, 2012: 09:14 م

حميد الكفائي هناك الآن حملة واسعة النطاق تشن ضد تركيا في مدن وسط وجنوبي العراق ،فهناك تظاهرات صاخبة تُسيِّر في البصرة وعواطف تُؤجَج في بغداد ومحاضرات وخطابات وقصائد تلقى هنا وهناك في أنحاء العراق المختلفة ضد تركيا وأوردغان والعثمانيين الجدد، وكل ذلك لأن هناك خلافات سياسية طرأت، أكرر،
طرأت، بين حكومتي البلدين أو ربما أقل من ذلك فهو ربما خلاف في الرأي بين سياسيين معينين في كلا البلدين، لأن عددا من سياسيينا ما زالوا يزورون تركيا ويعقدون معها الصفقات السياسية والاقتصادية. استعداء تركيا وزج المواطنين العراقيين في معاركهم السياسية العابرة للحدود سوف يلحقان دون شك أضراراً فادحة بعلاقات البلدين التأريخية ويضران بمصالح الشعبين الحيوية، حتى وإن لاءمت أهداف هذا السياسي المرحلية أو دغدغت عواطف ذاك الزعيم الآنية. نعم تركيا تؤوي نائب الرئيس الهارب طارق الهاشمي، وهي ليست الدولة الوحيدة التي تؤوي عراقيين هاربين، فهذه أمريكا تؤوي الوزير الهارب أيهم السامرائي وتلك الأردن تؤوي الوزير الهارب لؤي العرس والنائب الهارب عبد الناصر الجنابي (وآخرين) وكندا تؤوي الوزير الهارب محسن شلاش وبريطانيا تؤوي الوزير الهارب حازم الشعلان وإيران تؤوي (أو كانت) النائب الهارب سابقا أبو مهدي المهندس وسوريا كانت تؤوي قائد التحرير والجهاد عزة الدوري ولا تزال تؤوي زعيم أحد أجنحة حزب البعث (المكسورة) محمد يونس الأحمد وباقي رموز النظام السابق الذين يعملون فيها ومنها ليل نهار على زعزعة استقرار العراق ،ولبنان يؤوي مطلوبين كثيرين. فهل علينا أن نستعدي هذه الدول لأن فيها هاربين من (العدالة) العراقية أو مخالفين في الرأي لبعض قادتنا السياسيين؟ ما هو ذنب المواطن العراقي البسيط الذي يجري إشغاله في معارك دونكيشوتية هي ليست معاركه وتأجيج عواطفه (ببلاش) وإيهامه بوجود أعداء له هنا وهناك؟ أليس الأجدى والأفضل أن نترك المواطن ينصرف لتأدية أعماله وتصريف شؤونه والعناية بأبنائه وتعليمهم والتعامل مع مشاكله اليومية المتفاقمة التي لم تستطع الطبقة السياسية الحالية أن تحلها له رغم وعودها المتكررة وصراخها وصخبها و(حرصها) الشديد (والواضح جدا) وسعيها الأشد على (تقديم) مصلحته على مصالحها؟   هذه الأساليب غير المجدية بل والضارة تستخدمها الأنظمة الدكتاتورية المتخلفة التي لا يهمها استقرار بلدانها بل هي تعتاش على الأزمات والأكاذيب والأوهام. وكان نظاما صدام حسين ومعمر القذافي بارعيْن في تجييش الناس البسطاء ضد سوريا الأسد وإيران الشاه [أو إيران الخميني لاحقا] ومصر السادات وسودان النميري وتونس بورقيبة وأمريكا ريغان (وهكذا يجري ربط البلدان بزعمائها وسياساتهم). وكذلك فعل نظام الملك المعظم كيم إيل سونغ الأول وأبنائه وأحفاده من بعده في كوريا الشمالية. لم نسمع يوما أن بلدا يحترم شعبه وسياسيين يحترمون عقولهم وعقول الناس أقدموا على مثل هذه الأفعال وأضاعوا وقت الناس بقضايا غير ذات جدوى. لقد جرت الأعراف على أن تُسيّر التظاهرات من أجل مطالبة الحكومة الوطنية بحقوق ضائعة أو تنفيذ سياسة معينة أو تنبيه الناس والحكومة لمشاكل قائمة أو أخطار داهمة أو احتجاج على سياسة خاطئة وليس جر الناس وإشغالها في معاداة البلدان والشعوب الأخرى.ألم تلاحظوا أن البصرة تستهدف أكثر من غيرها في مثل هذه الحملات؟ فهناك تظاهرات تجري لتأييد آراء حسين الأسدي المنتقدة لزملائه السياسيين وتظاهرات ضد تركيا مطالبة بتسليم طارق الهاشمي وتظاهرات وتهديدات ضد الكويت وما إلى ذلك من معارك مختلقة... ربما، وهذا مجرد تحليل (ملبلب)، لأنها مدينة الثقافة والشعر والفنون، ولأنها مدينة عرفت بأخلاق أهلها العالية وتسامحهم وكرمهم، ولأنّ فيها وعيا سياسيا وثقافيا عاليا، فهي المدينة التي احتجّت على نقص الكهرباء وشيّعتها قبل عامين في موكب حزين فريد من نوعه، وهي المدينة التي رفضت دوما الدعوات الطائفية التي تحاول تفريق العراقيين على أسس مذهبية، وهي المدينة التي تحتج على رمي النفايات الإيرانية في أنهرها وحقولها وهي المدينة التي يعاني أهلها الأمراض التي اجتاحتها بسبب الحروب والإشعاعات والإهمال المتواصل وهي المدينة التي تنتشر فيها الألغام التي راح ضحيتها حتى الآن آلاف المواطنين العاديين الذين فقدوا حياتهم أو أطرافهم وأصبحوا معاقين، وهي المدينة التي تمتلئ بالنفايات والمستنقعات رغم أن العراق كله يعيش على ثرواتها ونفطها وموانئها، لكنها مع ذلك تعاني  نقص الخدمات الأساسية بل وغياب بعضها رغم إنفاق مليارات الدولارات في هذا المجال منذ تسع سنوات وحتى الآن ولكن دون جدوى. هناك محاولة لإشغال أهل هذه المدينة الشرفاء والواعين في هذه الصراعات والمعارك التي ليس لهم فيها ناقة ولا جمل ولا حتى أرنب، وأستغرب حقا أن أرى أشخاصا مهنيين أو مثقفين ينجرون إلى مثل هذه المعارك التي يختلقها السياسيون ويشغلون الناس بها. لا أدافع عن طارق الهاشمي وقد قلت مرارا في مقالات ومقابلات منذ بدء أزمته مع (شركائه) حتى الآن إنه ما كان عليه أن يهرب فالهرب عيب على السياسي أو العسكري أو أي إنسان يدخل في مواجهة يؤمن إيمانا راسخا بصحة موقفه فيها. نعم، قد يقول قائل إنه يخشى أن يُظلم، ل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram