عدنان حسين لم تجد اثنتان من الصحف البريطانية الرئيسية، هما "ميل أون صنداي" و"إنديبندانت أون صنداي"، بُدّاً من انتهاك أخلاقيات المهنة الصحفية والخروج على تقاليدها أمس بنشر صور الضحايا في مجزرة الحولة السورية، فالقانون غير المكتوب للصحافة في البلدان الديمقراطية يحظر نشر صور الموتى احتراماً لخصوصيتهم ولحرمة الموت.
الحدث صادم للغاية، وقد اجتهدت إدارتا التحرير في الصحيفتين في السعي لنقل الصدمة الى القراء. وقد نختلف نحن أهل المهنة في القبول بهذا الرأي لكنه لا نجد مناصاً من تفهمه... الدكتاتوريون لا يتورعون عن فعل ما لا يُعقل، وثمة جزء من العالم يتخذ من المواقف ما لا يُعقل أيضاً إذ يقابل بالصمت وبالتواطؤ في أحيان كثيرة أفعال الدكتاتوريين الشنيعة، والإعلام ليس في وسعه أن يكون بقلب من حجر. قبل بشار الأسد كان صدام حسين أيضاً يقتل الناس بالمئات والآلاف في مجازر جماعية ثم يُقسم أغلظ الإيمان انه لم يفعلها.. حدث ذلك على جبهات حربه مع ايران وفي الخطوط الخلفية، وحدث في حلبجة والأنفال وانتفاضة آذار 1991 وفي السجون والمعتقلات التي كانت تشهد من حين إلى آخر "حملات تنظيف" من المحتجزين فيها. ما كان صدام سيرتكب مجازره بدم بارد لو لم يتواطأ العالم معه، بما فيه عربه ومسلموه، بالصمت مقابل النفط المُصدّر والسلاح المُستورد. حتى عندما صحا العالم ذات يوم على اجتياح الكويت لم يُعدم صدام المؤيدين والناصرين ما شجّعه على تنفيذ ثاني أكبر مجزرة قبور جماعية في عهده (بعد انتفاضة 1991) بعد مجزرة الأنفال الرهيبة.كان الدكتاتور يقتل بأعصاب هادئة ودم بارد لأن العالم كان يتفرج بصمت.الدكتاتوريون يشبهون بعضهم البعض، والتاريخ بهم يعيد نفسه .. بشار الأسد لم يتورع من ارتكاب مجزرة الحولة مستنداً الى حال التراخي والترهل في الموقف الدولي، بما فيه الموقف العربي والإسلامي.بدا العالم في الأشهر الأخيرة مستسلماً لإرادة الدكتاتور السوري، مثلما استسلم من قبل لإرادة صدام، ما شجّع بشار الأسد على التمادي في عدوانيته.مجزرة الحولة مرحلة جديدة في هجوم بشار الأسد المضاد الذي يجري تحت سمع العالم وبصره من دون حراك. منذ أيام سجلت منظمة العفو الدولية على زعماء العالم فشلهم في الارتقاء إلى مستوى الشجاعة التي أظهرها المتظاهرون المطالبون بالديمقراطية في العالم العربي، ملاحظة أن "التأييد اللفظي" لحركات الاحتجاج من قوى دولية وإقليمية لم يُترجم إلى أفعال.وفي ما خص سوريا بالتحديد قالت المنظمة في تقريرها السنوي إن فشل القوى الدولية في اتخاذ إجراءات أكثر قوة تجاه سوريا يدل على أن مجلس الأمن "تعرقله مصالح راسخة"، واعتبرت أن "أوضح مثال لمسألة فشل مجلس الأمن في القيادة هو ما يحدث في سوريا، إنها مأساة حية تتداعى أحداثها أمام أعيننا"، كما عبّر أحد المسؤولين في المنظمة.بشار الأسد يعيد تاريخ صدام، والعالم مطالب بالا يتفرج وحسب.
شناشيل:بشار يعيد تاريخ صدام
نشر في: 27 مايو, 2012: 09:25 م