شاكر مجيد سيفوrnمثل عنونة كتاب - أحزان السنة العراقية – للشاعر خزعل الماجدي كل التاريخ الفجائعي العراقي الشخصي للشاعر والتاريخ الجمعي للبلاد وقد تمظهر هذا الاشتغال برؤية كليانية درامية،
تنزع نحو تركيب استبصاري وبصري تتعاقب البنى السردية والتشكيلية فيه بصياغة القول الشعري لسيرة الوجع الذاتي الذي يكشف عنه الشاعر في حادثة خطف ولده -، ويحضر مشهد الموت بنزعته الفانية، معبرا الشاعر بذلك عن فقدان الحياة بكل اشكالها في طقس الموت والاحتفاء به في المشهد العراقي اليومي، وقد تبين اشتغال النصوص في عدد من اللوحات التي تضافرت في بنيان النصوص ابتداءً من العنونة وانهمام الذات الشاعرة في توريد الأنساق النصية بماهية عالية، تنطوي على كشوفات الرهبة والانكسار والنكوص والإيحاء بالندب، في صور الترجيع لتمظهرات الموروث الشعبي، واستثمار تقنية التكرار القائمة على مَدّ النص بالجملة الشعرية الطويلة وتعزيز المعنى وبالتالي الاندماج في تأكيد فكرة المعنى في الامتداد المكاني على مساحة البلاد عبر تحوّل كل الجمال إلى صور الاندثار والقبح والامتداد الزماني حيث استمرار الحزن مع الزمن والتأكيد على الدائرية في المعنى، استطاع الشاعر أن يوظف ما بين رؤيته الأسطورية والمثيولوجية المؤسسة في نصوصه الشعرية المنجزة في كتبه الشعرية الصادرة على امتداد أكثر من ثلاثين عاما، وتوظيف الإحالات التأويلية لمرجعيات الجهاز اللغوي والصورة، تقدم لنا النصوص كل ما هو متجسد في طقس الموت فمنظومة اللغة الفجائعية في ظهورات طقس الموت يلتقط منها الشاعر الجزئي من أجل خلق حالة أجواء خيالية للموت وبروز مقولات الحزن تضافراً مع المقولات الدلالية، وتتوازى العناوين الداخلية مع مقولات المتن ومحتويات الدوال ومؤولاتها في ملفوظات الحقل الدلالي، إن حضور مقولات الموت تصبّ في تأويلها باستحضار الألفاظ الدالة، وتمثل تقنيات النصوص التي تناسب أجواء الفقد وفضاء الدلالة وصورة المتخيل وفكرة الموت، إذ يلجأ الشاعر إلى مفردات دالة كلياً على الغياب؛ كأنه ندب الذات ورثائها ومحاورة الحياة وحميميتها والصراع مع الموت بمآل الرواية الشعرية وماهيتها الوجودية الذاكراتية التي تمثل عودة الروح بتركيز التأويل وتمظهر فكرة الجوهر في اللقطات السردية كاشفاً جدل اللقطات السردية في حرارة التشكيل الوصفي الصوفي التي تبزغ في فضاء الغياب والمحو وتبصّر الذاكرة المشرعة والمبصرة التي تمثل قوة حضور اللسانية الرمزية والحكائية في مفاصل القول الشعري، عبر برقيات صور مشعرنة تحتشد فيها اللغة في سياقاتها بالاشتغال على (الروحي والمعنوي والتاريخي):" أنظر الى الروزنامة كما لو أني أنظر إلى كتاب ممزق/ يقطر دماً/ والى شجرة يابسة الأوراق واحسرتاه..../ هذه هي أيام السنة العراقية/ .....نيسان تابوت أكيتو ...../ لم يعد هناك ما نبكي عليه/ .... وفي نص آخر يسرد الشاعر بوحَه متسائلاً عن عجزهِ الكلي أمام هذه الفاجعة التي يبوح بها بقوله " خطفوا ولدي .... وأشعلوا نار الحب والشعر في صدره بلا حدود": ويكتب بهذا الفقد والضياع الذي يؤول الى السؤال الإشكالي الانطولوجي الحاّد: يقول في نصّه:" ماذا أفعل بفمي العاطل/ 4آيار: " فصول أسيرة تمرُّ/ وأعيادٌ غائمة تأتي/ ولا شيء...../ كظلام مقنّع/ لا فائدة من العظام المخبأة في بطوننا/ لن تلد الليالي سوى الظلام/ ما حدا بخرافتي/ سفينتها معطلة في عقلي/ وذئابها طليقة في الطرقات/ أنتحب مثل غزالة على وليدها/ وأضع فأسي في حزامي وأخرج/ لكن فأسي يتحول الى ماءٍ عندما أشهره/ لا فائدة ترجى مني......" يستدعي الشاعر مقولة الموت في كل جملة شعرية من نصوصه – أحزان السنة العراقية – على قدر توزيع مفردات الحصة التموينية الكارثية التي تعاملت مع الموت في تكوين وتوليد نص رثائي لا تقليدي ينبني على موجات الرثاء وحضور التساؤلات التخيلية القائمة على المتخيل المستقبلي والماضوي والحاضر الكارثي، وتتمظهر بنى النصوص كل لحظات التفجع الأولي التي تسيطر عليها الصدمة والأسئلة الوجودية الهابطة من دلالات شعرية وبلاغية باتساع الدلالة وفضائها الميثيولوجي والمعرفي والأسطوري للذات المنكوبة:" ويلٌ لك ايتها البلاد/ اذا كان اهلك نائمين/ وقادتك يقظين جدا/ وكما انك لا تدرين من سيسَرحُ بك في النهار فأنك لا تدرين من ينام معك في الليل/ ومن يبيعك غداً/ بيوتك تنثَّ تراباً/ وثيابك مسرودة من الخلف/ حين تطحن المطاحن الكلام/ وحين يعلق النادبون الماء بدل الدموع على الجدران/ حين يتصدع العويل برائحة الشواء/ وحين يشوب خيط الذهب ثياب العزاء/ فقل اننا ذاهبون الى حفلة تنكرية/ لا الى وطن جريح....." يتبنيَن هنا في هذه المشهدية اختلاف الزمان والمكان، فالذات المنكوبة لم تعد ترى البلاد إلا في صورها المتصدعة وفضاء الحالة الكارثية على مساحتها وعلى الأشياء والكون فيها، وتحضر الصور المركبة من خلل نسيج البنى اللغوية في جنوح الدلالة الى موت الإنسان وتعلّق الذات الشاعرة بحال
كارثية الخطاب الشعري في صورة الدال الشخصي الغائب
نشر في: 29 يونيو, 2012: 11:30 ص