TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن:نظرية "البزوني" في حكم الشعب

العمود الثامن:نظرية "البزوني" في حكم الشعب

نشر في: 29 يونيو, 2012: 03:33 م

 علي حسين ‎ يقولون إن المالكي هو الضمان الوحيد لوحدة العراق واستقراره، ‎يقولون أيضا إن الناس جميعا معه، نائب مشهور بإطلاق التصريحات النارية حذرنا قائلا: إن العراق هو المالكي والمالكي هو العراق.. فيما اقسم آخرون أن البلاد ستتحول إلى ممالك وإقطاعيات لو أن السيد المالكي – لاسمح الله – ترك كرسي الحكم.
‎ بعض المقربين يرهبون الناس البسطاء بأنهم سيسألون يوم القيامة إذا ما تخلوا عن رئيس الوزراء، وتركوه لوحده يواجه أعداءه من التيار الصدري والعراقية والتحالف الكردستاني.‎ إنه العبث الكامل بمصير العراق.. والدجل السياسي في كامل صوره.. وهو أيضا إعلان عن فشل لا يكتفي بإعادة تسويق نموذج القائد الملهم.. وإنما ينشر الشعوذة على أنها برنامج سياسي.. ويؤكد بالدليل القاطع أن الكثير من سياسيينا لا يعرفون من أصول إدارة الدولة سوى قشورها، يريدون من الناس أن تخرج إلى الشوارع هاتفين لهم بطول العمر وطول الرقاد على أنفاس الوطن، ويعلن البعض منهم عن استيائه ودهشته من أن العراق لم يقم ويقعد لأن البعض طالب بتحديد ولاية رئيس الوزراء.. بالأمس قامت قيامة ائتلاف دولة القانون لان هناك نفرا ضالا تجرأ وطرح موضوعة الأقاليم.. فيما الذاكرة تحفظ خطاب المالكي قبل عام بالتمام والكمال والذي قال فيه:إن مجلس الوزراء سيرفض إقامة إقليم في محافظة صلاح الدين، لأن هذا سيقود إلى تقسيم غير دستوري.طبعا ما جرى في قضية الأقاليم لعبة يعرف أبعادها الجميع، وإن تعمد كل طرف ألا يكشف عن أوراقه.. رغم أن جميع المراقبين مطلعون على ان كل الأوراق في أيدي الجميع، وتلك هي المفارقة اللطيفة، التي تجعل الدراما مثيرة، كما لو أننا نتفرج على مسلسل أبطاله يخططون لكل شيء أمام المشاهدين. والمشاهدون يعلمون نهايات الأحداث، والجميع يعرف حقيقة النوايا والاتصالات، وربما حتى التوقيتات التي سوف يتم إلقاء الورق فيها على المائدة وكشف ما فيها.لكن العجيب أن أبطال مسلسل رفض الأقاليم خرجوا علينا اليوم يلوحون بتحويل محافظة البصرة إلى إقليم في حال سحب الثقة من رئيس الحكومة، ففي تصريح اقرب للمأساة منه للكوميديا قال رئيس المجلس صباح حسن البزوني أمس، إن "المجلس يعتزم تفعيل الإجراءات الخاصة بجعل المحافظة إقليماً في حال سحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي". للأسف يعتقد بعض الساسة أن الديمقراطية وفرت لهم المناخ الملائم لتوجيه الشعب بالوجهة التي يختارونها، ونسوا أن الديمقراطية صعبة تحتاج إلى مجهودات شاقة ومضنية وعمل بالليل والنهار، في زمن تخيم فيه الانتهازية والوصولية على غالبية المهتمين بالعمل السياسي والحزبي، الكل بات يعرف أن معظم الكتل السياسية لم تؤد دورها الحقيقي في خدمة المواطن وانشغلت بأمور لا تخص عمل الدولة، بل إن قنوات تواصل حية بين هذه القوى السياسية والناس مفقودة أو غير موجودة أصلا.‎كلام رئيس مجلس محافظة البصرة من الناحية العملية يؤكد ان البعض مؤمن بان هناك ارادة عليا هي التي تختار الحكام والخروج عليها سيؤدي إلى فوضى لا تحمد عقباها على حد قول النائب عباس البياتي، وان على العراقيين ان لا يخالفوا ارادة القدر. ‎لعل المعنى الوحيد لما قاله السيد صباح البزوني يدور حول حقيقة واحدة هي إلغاء السياسة والعقل معا.‎فرغم الكلام المنمق عن الديمقراطية والشفافية وحكم القانون والشراكة الوطنية، فان البعض لا يزال مؤمنا بأن الحاكم هو مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ هذا الشعب من الضياع، وهم يحذروننا، فالخراب محتمَل جدا، وربما الحرب الطائفية قادمة. خطب وشعارات يسعون من خلالها إلى سرقة الدولة بأكملها، مما يجعلهم يروجون لنظرية المسؤول المقدس الذي لا يمكن الاقتراب منه، فهو ليس مجرد موظف ما ان تنتهي مدة خدمته حتى يتحول إلى مواطن عادي، وان في إمكان الناس تغييره في اي لحظة، ووسط هذا المناخ المفزع يتحول رئيس الوزراء إلى حارس وحامي البلاد ومن ثم تصبح مناقشته نوعا من التجديف، ومعارضته نوعا من الخيانة الوطنية، ومطالبته بالاصلاح السياسي وتحديد ولايته أقرب إلى الزندقة والكفر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram