احمد المهنا نعم يا أخي ليث مصطفى الدليمي. لقد كسبتني صرخة المظلوم التي أطلقتها الى صف سنة العراق. أنا سليل اسرة شيعية. ولا أعرف ما اذا كان هذا الانتماء، أو غيره، علمني ان الدين الحق هو العدل. وان العدل هو إحساس بالمظلوم، وحساسية من الظلم، وان حس العدالة هو أرقى شهادة انتماء الى الانسانية. ولكم حلمت بنيل هذه الشهادة. ولكن هيهات. فمراقبتي نفسي الأمارة بالسوء حجبت عني هذا الامتياز.
لا أعرف يا أخي الآن ايهما أنفع: هذه الكلمات، أم الاستسلام للدموع ولتلك الرعشات التي تنتاب الجسم في حالات التأثر البالغ. ان الدموع عزيزة وغالية يا ليث. وجارحة ومؤلمة اذا كانت وحدها ما يستطيع المرء أن يفعل، وهو يشهد ظلما بأم عينيه. وأنا الآن أنت: ذليل مثلك، أقف في نفس موقفك، وأطلب الأمان في منازل الطغيان. أنا وحيد مثلك. جالس في بلد بعيد. ومعي ابنتي حبة قلبي. لم أحدثها عنك بعد. هل لديك أولاد يا ليث؟ وهل رأوك في ذلك الموقف الصعب؟ الله أكبر!على كل هذا البعد بيننا أنا معك. في نفس موقفك. وحيد، خائف، ومهان. هذا بلدي. وأنا على الدوام ذاهب اليه وراجع منه. لا أستطيع أن أفارقه. والتهديد الذي يواجهه ابن البلد ليس بعيدا عني. انه تهديد قديم وقوي ومتجدد. وفي الصميم منه يقع "نظام الاعتراف سيد الأدلة" الذي تعتمده أجهزة العدالة الجنائية في بلدنا. وعماد هذا النظام هو انتزاع الاعتراف بالاكراه. أي بالتعذيب. والقانون في أرض البشر رمى "نظام الاعتراف" خلف ظهره، وأخذ بنظام الأدلة والبراهين. وقد طالبت الأمم المتحدة شرطتنا وقضاءنا مرارا باعتماد نظام الأدلة، دون استجابة تذكر.بسبب الفظائع أصبحت في يوم ما كرديا. كما أصبحت شيعيا. و..و. في حلبجة كنت كرديا. وشيعيا صرت عندما جار صدام، ثم "القاعدة"، على أهلي وأبناء طائفتي جورا فوق التصور. ومعك أنا سني اليوم. وأنت فقط فجرت لدي الرغبة في هذا الانتماء، فقد كانت قائمة لدي جراء تراكم ملاحظاتي لدخول بلادنا في تاريخ مظلومية جديدة، تضاف الى مظلومية الشيعة المستمرة،هي مظلومية السنة. ان نسبي حيث يكون المظلوم. لا بأس عليك يا أخي. لا بأس. ان أعدل العادلين معك. ينصت لك. إن كلماتك ولطماتك على رأسك يوم الأحد 27 ايار 2012 تاريخية يا ليث. تناقلتها الفضائيات والانترنت وهزت خلقا كثيرين حول الأرض. وكانت فضيحة مدوية لنظام الاعتراف،هذا الذي لا كرامة لانسان معه. وقد كنت تخاطب قائد شرطة بغداد أثناء عرضه "اعترافات ارهابيين". قلت له: "أعطني الأمان، اعترافاتنا مسرحية من تأليف العميد رياض... اذا رحنا يمه يموتنا".وأكاد أكون على يقين من أنهم اعادوك الى العميد رياض. وأنت الآن بين يديه، عاجز أعزل وحيد.هل تعرف يا ليث خسة وجبن اليدين اللتين تمتدان على انسان في وضع كهذا؟ وكم هي ظالمة السلطة التي تجيز مثل هذا العدوان؟ وكم هي مستهترة السلطة التي تقلب، في يوم وليلة، عضوا منتخبا في مجلس محافظة بغداد الى "ارهابي"؟ وكم هي متوحشة السلطة التي تستسهل وضع الكبير في الموضع الحقير؟كيف لا تعرف وقد أصبح جسمك "ميدان" هذه المعرفة!لك، ولبلدنا الحزين، أطيب تمنياتي بالفرج والأمان والكرامة.
أحاديث شفوية:أنا سني
نشر في: 29 يونيو, 2012: 03:34 م