هاشم العقابي حين يُستهدف الشعب بمكائن إعلامية جبارة لغسل دماغه أو تجهيله، يصبح من الصعب عليه أن يفرز بين ما يضره وينفعه. وهذا النوع من المكائن استخدم بشكل متقن، ومن زمن بعيد والى الآن، من قبل الطغاة أو من هم في طريقهم للاستفراد بالسلطة وتهيئة الأرضية لبناء الدكتاتورية. وما غوبلز واحمد سعيد والصحاف إلا نماذج من أمثلة كثيرة.
وان صارت الأسماء التي يوكل إليها الطغاة مهمة الغسل والتجهيل، لا تعمل تحت دائرة الضوء، كما كانت في السابق، بل باتت تتخفى تحت مسميات أو مناصب مختلفة، لكن الحقيقة يمكن اكتشافها من خلال النتائج. فان وجدت شعبا غالبيته ترى الصديق عدوا، والعدو صديقا والأبيض اسود، وان "القائد" واحد لا بديل ولا شريك له، فاعلم أن الماكنة شغالة على قدم وساق وان الشعب قد غلب على أمره.أصعب ما يواجهه المرء، خاصة الكاتب، حين يتصدى للسلطة لأنها تظلم الشعب في وضح النهار أو تضحك عليه، أن يخرج عليه المظلوم بتهمة انه يظلم السلطة. وهل هناك شيء أمرّ من اتهام الذي ينشد رفع الظلم عن أهله، بأنه ظالم. وبالعراق اليوم، هناك من يتهمنا بأننا لا نتغنى بمنجزات الحكومة والقائد. لكن نحن نسألهم عن تلك المنجزات التي يفترض أنها غيرت واقع الشعب من الأسوأ إلى الأفضل، فلا مجيب. كلمات رنانة وشعارات عن منجزات وهمية تذكرني بذلك الذي يحدثك عن "الطنطل" ولا يريك شيئا ملموسا. وان رفضت أن تقتنع فقد يصيبه الجنون. وبعضهم يرى أن نكرانك وجود "الطنطل" يعادل نكرانك وجود الله تعالى.قبل أيام ظهر تقرير في نشرة أخبار على قناة "الحرة عراق" يتحدث عن جندي أمريكي خدم بالعراق قبل الانسحاب فشكل جمعية خيرية بأمريكا ولملم منها بعض الصدقات ليعود بها كي يهديها إلى مركز لرعاية الأيتام بالعراق يضم 60 يتيما. وحين سألته القناة عن السبب أجاب: "إنني لا أنسى ذلك اليوم الذي كنت أشاهد فيه أطفالا عراقيين يبحثون بالقمامة عن فضلات أكل أو شيء قد يمكن بيعه لتوفير لقمة".هل يمكن أن يحدث مثل هذا بدولتي الكويت أو الإمارات اللتين نحن، كبلد، بغناهما ماديا إن لم نكن نحن الأغنى؟ وكم يا ترى هو المبلغ الذي أتى به هذا الأمريكي الذي افرح أيتامنا لنعادله بسعر براميل النفط المليونية التي نصدرها يوميا أو بتكلفة الوجبات التي تطبخ في مطبخ مجلس الوزراء بالمنطقة الخضراء وتوزع هناك مجانا على "المنتسبين"؟كنت أتوقع أن أرى أيتام العراق يلفون على أيتام الدول الفقيرة يمنحونهم مساعدات معنوية ومادية مع باقات ورد وقمصان معطرة برائحة الرازقي العراقي، لا أن أراهم بانتظار أجنبي يتصدق عليهم وهم أبناء العراق. مع كل هذا الذي لا يصدقه العقل ولا يرتضيه الضمير، ستجد من يلومك بحجة انك "تتصيد" أخطاء الحكومة! أما إذا، لا قدر الله، وقلت بان حكومتنا لا تخاف الشعب، بل ولا تخاف الله أيضا، الذي أوصى" فأما اليتيم فلا تقهر" فعليّ أن أضع خوذة كونكريتية، وليست حديدية، على رأسي لأحميه من حصى المدافعين عن "رجل" المرحلة.وينك يا حسين نعمة؟ حقا احتاجك في هذه اللحظة أن تغنيني: "يلوم المادره بعلتي شمرها".
سلاما ياعراق :يلوم المادره بعلتي
نشر في: 29 يونيو, 2012: 03:36 م