 سامي عبد الحميد 1-2 في بداية الحركة المسرحية في العراق لم يتداول المسرحيون الأوائل مصطلحات فنية كثيرة كما يتداولها مسرحيو هذه الأيام، فالمعرفة ازدادت والاطلاع على المعارف توسع والترجمات من مختلف اللغات تيسرت، وكان حتماً أن يحصل الاختلاف في تفسير عدد من تلك أو هذه المصطلحات،
 تبعاً لاختلاف مصادر التحصيل الفني والعلمي ومعاهد الدراسة والتدريب هنا وهناك. ومثل هذا الاختلاف هو الذي دفعني لكتابة هذه المقالة حيث أخذت أتلمس في الآونة الأخيرة التشويش الذي يتعرض له طلبة الدراسات العليا في أقسام المسرح الجامعية ومعهم أساتذتهم بما يخص المصطلحات المسرحية ودقتها.  مصطلحات مثل (ميزانسين) و(سينوغرافيا) و(كوريوغرافي) و(الجستس) يتناولها المسرحيون العراقيون هذه الأيام، وقسم منهم لا يعرف حتى معناها والقسم الآخر يخطئ في تفسيرها، وقسم ثالث يبقى مشوشاً حول كنهها، وقسم رابع يستخدمها فقط للمباهاة بالمعرفة. الميزانسين: مصطلح أصبح مستخدماً لدى جميع المسرحيين في العالم كونه يعني الإخراج بينما يستخدمه البعض هنا كونه (التشكيل الحركي) او (توزيع الكتل على الخشبة) ويتوهم البعض الآخر كونه يعني (التوازن)، وربما استخدمه بعض الدارسين بمعانٍ أخرى غير ما اتفق عليه عالمياً، ولتحديد المصطلح بعملية الإخراج فإنك تجد الترجمة الفرنسية مثلاً لكلمة (إخراج) الموجودة على كتيبات المسرحيات mise en scene وتعني حرفياً وضع المشهد، وبالتأكيد من يضع المشهد المسرحي هو المخرج وليس غيره. وعليه أؤكد أن (الميزانسين) هو (الإخراج) وليس غيره من المصطلحات. السينوغرافيا: مصطلح استخدم في الأصل ومنذ القدم ليعني (رسم المناظر)، وهذه ترجمة حرفية للكلمة اليونانية القديم . ويذكر احد المصادر أن احد الأمراء دخل إحدى قاعات قصره، فرأى عددا من الرسامين يرسمون منظراً معيناً على احد جدران القاعة، وعندما سأل ماذا يفعل هؤلاء؟ قالوا له إنهم يقومون بالسينوغرافيا لإحدى المسرحيات التي ستعرض في تلك القاعة. كان ذلك أيام دخول المسرح إلى قلاع الملوك وقصور الأمراء بداية عصر النهضة. نعم (السينوغرافيا) تعني (المناظر المسرحية) بيد أن بعض الدارسين وبعض المسرحيين يدعون غير ذلك، وان هذا المصطلح قد أصبح في العصر الحديث يعني معالجة الفضاء المسرحي بصرياً، أي معالجة جميع عناصر الإنتاج المسرحي البصرية - المثئور الزي والمنظر واللحظات والإضاءة. بل أن البعض قد تطرف في استخدام المصطلح موسعاً إياه ليشمل حتى الأصوات والمؤثرات الصوتية، وبالطبع فإنهم يقعون في الخطأ لأنهم يعنون بذلك (البيئة) والبيئة شيء والسينوغرافيا شيء آخر. ويخطئ الآخرون في شمول المصطلح لجميع عناصر الإنتاج لأنهم يحذفون دور المخرج في العملية المسرحية، ليحل محله دور (السينوغراف). وللعلم أن المسرحيين الانكليز والأمريكان وحتى الفرنسيين لا يستخدمون مصطلح (السينوغرافيا) بل يستخدمون (تصميم المناظر) أو (الديكور) بدلاً منه .