عدنان حسين هذه فضيحة.. فضيحة بجلاجل، كما يقول المصريون، توفّرت فيها كل مواصفات الفضيحة وأركانها، ويتعيّن الآن على من تسبّب فيها وفي خروجها إلى العلن أن يشرح ويُفسّر بإسهاب ليقنعنا، وإلا توجّب عليه أن يعترف صراحة بالخطأ ويعتذر عنه بوضوح.
هنا عن قضية ليث مصطفى حمود الدليمي، عضو مجلس محافظة بغداد الذي اعتُقل بتهمة الانتماء إلى تنظيم "القاعدة" الإرهابي والضلوع في الإرهاب عبر قيادة شبكة نفذت العديد من التفجيرات والعمليات المسلحة.يوم وصلني خبر اعتقال الدليمي كانت تجلس الى جواري زميلة له، إحدى عضوات مجلس محافظة بغداد.. دُهشتْ للغاية قائلة: "معقولة؟ .. غير ممكن!". آخرون أيضاً ممن يعرفون الدليمي كان لهم وضع مماثل، بل أن أحد زملائه في المجلس أشار إلى أن تنظيم القاعدة قد "نسف قبل شهور بيته".برغم عدم تصديق زميلة الدليمي وبعض معارفه الآخرين للخبر، أو بالأحرى للتهمة الموجهة اليه، فإن أحداً لا يستطيع أن ينفي تماماً إمكانية أن يكون الدليمي إرهابياً بالفعل.. كل الإرهابيين بشر، وأغلبهم لا تظهر عليه علامات الإرهاب. ولكن.. الدليمي وضع متهميه ومعتقليه في زاوية حرجة للغاية. فبينما هيأوا أنفسهم لتقديم الدليل القاطع الذي يدينه ويؤكد ضلوعه في الإرهاب بـ"عظمة لسانه" كما يقال، فإن الدليمي قلب الطاولة رأساً على عقب، بل على رؤوس متهميه ومعتقليه أول من أمس.والذي حدث أول من أمس ان قيادة شرطة بغداد نظّمت مؤتمرا صحفياً دعت اليه ممثلي مختلف وسائل الإعلام المحلية والأجنبية. وكان من المفترض أن يقرّ الدليمي أمام الصحفيين إقراراً واضحاً بذنبه ويعترف بصحة الاتهامات الموجهة اليه. لكن الوقائع التي شهدتها قاعة المؤتمر الصحفي كانت مختلفة تماماً، بل معاكسة، وسجلت كاميرات الفضائيات المشهد بالصورة الملونة والصوت الواضح.فجأة راح الدليمي يصرخ بان "اعترافاته" التي عرضها شريط مصور خلال المؤتمر الصحفي انتزعت بالإكراه، وانه بريء من التهم الموجهة اليه، ولم يتوقف صراخه الا بعد تكميم فمه من قبل عناصر الشرطة المرافقين لمدير شرطة بغداد.مرة أخرى ليس من المستبعد أن يكون الدليمي بالفعل أرهابياً، وليس من المستبعد أيضاً أن يكون ممثلاً بارعاً وشخصاً محنكاً نصب لشرطة بغداد كميناً في المؤتمر الصحفي رداً على كمينها الذي سقط فيه.ولكن الآن صار لزاماً على مديرية شرطة بغداد ووزارة الداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب والحكومة مجتمعة أن تقدّم للشعب العراقي وللرأي العام الخارجي الأدلة الثابتة والقاطعة على أن الدليمي والذين اعتقلوا معه هم حقاً وصدقاً إرهابيون من دون أي شك، وإنْ بنسبة واحد بالمليون، وتقديم هذه الأدلة يجب ان يكون علنياً عبر شاشات الفضائيات في محاكمة حيّة.بخلاف هذا فإن مشهد المؤتمر الصحفي الذي صرخ فيه الدليمي ونقلته الفضائيات الى كل انحاء العالم سيطعن في صدقية كل إجراءات الشرطة ووزارة الداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب والحكومة والقضاء في خصوص مكافحة الإرهاب وغيرها.لا تستهينوا بما حدث أول من أمس.. انه فضيحة بجلاجل الى أن يثبت العكس.
شناشيل :فضيحة.. حتى يثبت العكس
نشر في: 29 يونيو, 2012: 04:29 م