TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن:القانون عندما يركبه الحمقى

العمود الثامن:القانون عندما يركبه الحمقى

نشر في: 29 يونيو, 2012: 04:32 م

 علي حسين أثارت المقالات التي كتبها الزملاء احمد المهنا وعدنان حسين وسرمد الطائي والتي نشرت أمس عن قضية المعتقل "ليث الدليمي" العديد من التعليقات والتساؤلات، البعض منها قال: لماذا يحاولون التغطية على جرائم الإرهابيين ولمصلحة من الدفاع عن قاتل؟ لسوء الحظ أن بعض الآراء تعج أحيانا بشحن طائفي رهيب، طبعا افهم معنى التساؤل واعذر القارئ أحيانا حين يأخذه الانفعال مأخذا فيصبح صوتا لما تبثه بعض احزاب الطوائف.
لسوء الحظ إننا نعيش اليوم وسط جو سياسي متطرف يعتقد فيه البعض أن تحقير الآخر والقضاء عليه أولوية تتجاوز كل أولوية أخرى مهما كانت عاجلة، والبعض الآخر يجهل أن أفعاله تقودنا كل يوم إلى خراب جديد. وان هناك من يصر على أن يحول الوطن إلى رهينة لمزاجه السياسي، ويصبح مستقبل الناس وأمنهم على المحك، كنا ومازلنا نؤمن بأن التوافق السياسي الذي ارتضاه الجميع، يحتم على كل طرف أن تكون رسائله واضحة وصريحة مع الطرف الآخر.قد لا أكون ضليعا في القانون، ولكنني اعرف مثل غيري من المواطنين أن عرض المتهمين من على شاشة الفضائيات وبهذا الشكل الخطير يجب أن يتم بعد أن يثبت لدى الجميع أنه لا خيار غير ذلك، وبعد أن يتيقن أصحاب القرار أن لا عودة للوراء وان القرار قد استوفى كل شروطه ولا مجال للمساومة أو التنازل، عندها فقط يدرك المواطن انه يعيش في ظل نظام يحترم القانون الذي يقف الجميع أمامه سواسية فلا فرق بين عضو مجلس محافظة وابسط مواطن، فما الذي حصل حتى يكتشف المواطن المغلوب على أمره أن العرض المسرحي السيئ للمتهم الدليمي لم يمر على مجلس القضاء، وان المسألة خضعت لمزاج سياسي يتعامل مع الجميع على أنهم أعداء. الذي حصل ان الحكومة أرادت أن توهم الناس بأنها ستضعهم أمام اختبار حقيقي لسلطة القانون لكنها في الحقيقة داست القانون بأقدامها، فإذا كان المتهمون قد ارتكبوا جرائم ضد المجتمع، فان ما جرى بعد ذلك لا يقل إثما وجرما، ذلك انه تم السماح لعدد من العسكريين وعلى رأسهم اللواء عادل دحام صاحب فضيحة سجن البصرة الشهيرة والتي قال عنها في حينها النائب حسين الأسدي عضو ائتلاف دولة القانون ضمن تقرير قدمه إلى مجلس النواب ما يلي:  "ان نتائج التحقيق اشرت على قائد شرطة البصرة آنذاك اللواء عادل دحام سوء تعامله مع هذه القضية حيث انه قام بنقل 200 عنصر من حرس سجن مجمع القصور الرئاسية وهو مما أثار شكوك اللجنة حوله"، مشيرا إلى أن اللواء عادل دحام حاول أن يبرئ نفسه من هذه المؤشرات ولكنه لم يكن مقنعا للجنة، "هذا الرجل نفسه تمت مكافأته فيما بعد ليسمح له بافتراس القانون والتهامه والمتاجرة به، وأظن أن أحدا لا يختلف على أن ابسط قواعد العدالة تقتضي بأن يأخذ كل مخطئ عقابه بالقانون، لكن الذي حدث أن القانون عوقب باللعب فيه على مرأى ومسمع من العراقيين جميعا.السؤال الآن؛ هل انتهكت الحكومة قواعد القانون بالسماح للسيد دحام بأن يعرض مشاهده الكوميدية هذه على الناس والتي كان من المفترض أن تكون من اختصاص القضاء حصرا، الإجابة نجدها حتما في التراجع الذي حصل وفي محاولة رئيس الوزراء ومعه وزارة الداخلية لملمة القضية بأقل الخسائر الممكنة.ما حدث في مؤتمر اللواء دحام الاخير يثبت بالدليل القاطع إننا أمام حالة انتقائية صارخة في التعامل مع القانون الذي يشهرونه في وجوهنا طوال الوقت، إذا قلنا بان الحكومة مقصرة في واجباتها تجاه الناس وإنها تسير في طريق العدم بأقصى سرعة المفترض إن الحكومة أنجزت كل إجراءاتها القضائية قبل أن تسمح اللواء دحام بان يصول صولتهم الجهادية علينا، والمفروض أيضا أن القانون هو المحدد لكل التحركات والإجراءات التي تقوم بها الحكومة، لكن يبدو أن البعض أراد للدولة أن تتخلى عن دورها في أن تكون حكما بين الناس ليحولها إلى لاعب وجمهور في الوقت نفسه.مسؤولينا اليوم يعيشون حالة مستعصية من الإصرار على اللعب بالنار، وفتح المشهد كله على احتمالات احتراب طائفي مقصود ومخطط ومدبر وممنهج، وإلا ما معنى الموافقة على أن يتحول القانون إلى مطية يركبها الحمقى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram