لندن/ سوزان الخالدي التقى حلم تأسيس مدرسة للموسيقى التراثية الشرقية مع رغبات مجموعة من طلاب أستاذ العود أحمد مختار، وصاروا يحاولون عن طريق مجلس بلدية لندن للفنون تحقيق المشروع، خصوصا وأن عمدتها أعُجب بفن الأستاذ مختار المتشبث بالتراث كما أشاد بمواقفه الإنسانية غير المناصرة للدكتاتوريات والتواقة للحرية، وبعد حصوله على جائزة الملكة إليزابيث لفنون الشعوب صار أقرب لتحقيق المشروع، فعملية تأسيس مثل هذا المشروع ليس بالهيّن ولا بالسهل في ظل دولة عريقة مثل بريطانيا، دولة المؤسسات والاحتراف والتخصص والمنافسة الايجابية الشديدة.
الأستاذ الموسيقار احمد مختار وجهد الطلبة وإصرارهم وخصوصا في السنتين الأخيرتين، وبدعم بلدية لندن تم الحصول على موافقة مؤسسة أرك للفنون باحتضان مشروع المدرسة وتوفير المكان اللازم لها . وهكذا تم تأسيس مدرسة تقاسيم للموسيقى في بداية العالم الماضي 2011، أما في بداية هذا الشهر فقد افتتحت المدرسة رسمياً في يوم مفتوح للجميع حضره حشد كبير من المريدين والدارسين لآلة العود وللموسيقى الشرقية والعراقية. هذا الجهد الكبير والمثابرة التي أبداها الأستاذ وطلابه نحن بحاجة لها في بلد مثل بريطانيا يعتبر الفنون والموسيقى أرقى لغة في التخاطب بين الشعوب، فقيمة الشعوب تظهر من خلال مبدعيها وموروثها الحضاري، أما إنتاجها الثقافي فيدلل على رقي تلك الشعوب، كما تقول الأمثال الانجليزية. قال مايك سميث وهو عازف عود وأستاذ الموسيقى الشرق أوسطية في جامعة مانشستر: أنا احد المنظمين لافتتاح هذه المدرسة التي يرأس التدريس فيها الأستاذ احمد مختار الذي درّسني لسنوات عدة منذ 1999 حيث بدأت عزف العود. وهو الأستاذ الصبور والذكي ويحلل ويجيب على أي نقطة وأي نقاش أو سؤال لدينا، كما يساعدنا على العزف الجماعي. إن افتتاح مدرسة تقاسيم للموسيقى مثير للاهتمام وأرجو أن يُعتمد من قبل المهتمين بالموسيقى الشرقية وآلة العود.ورداً على سؤال كيف انجذب إلى آلة العود والموسيقى الشرقية، قال الطالب رمزي نور: هذه المدرسة الموسيقية تجمع الكثير من الناس ومن خلفيات ثقافية موسيقية متنوعة، وتجمع المهتمين بالموسيقى الشرق أوسطية والعربية تحديدا. فالموسيقى العربية فيها الكثير من الخصوصية والتفرد والجميع هنا مهتمون بدراستها، أنا مثلا درست الموسيقى في نيويورك واعزف في فرقة الجاز هناك لذا أنا أعرف الموسيقى الغربية جيداً وتعرفت على أسلوب الارتجال من خلال الجاز وبعد ذلك تعرفت على الموسيقى العربية التي تملك الكثير من عناصر الجاز. ويقول مدرس آلة العود والجيتار فرانشسكو انزولي رداً على سؤالنا عن كيف بدأت فكرة التأسيس؟ أنا من ايطاليا أصلاً ولكنني أعيش في لندن منذ 1999، لسنوات عدة درست وادرس الموسيقى والجيتار الكلاسيكي ثم الجاز في معهد فورنسا بايطاليا، بعدها درست الهارموني والتأليف الموسيقي، وعند انتقالي إلى لندن تقدمت إلى مركز الدراسات الشرقية والإفريقية جامعة لندن، وكنت محظوظا جدا أن التقي هناك بواحد من أهم الأساتذة في آلة العود، فدرست مع الأستاذ احمد مختار وتخصصت على يده في أصول العزف على العود والموسيقى العراقية التراثية والتقاسيم، التي فتحت لي آفاقاً جديدة وإحساسا جديدا.الأستاذ احمد مختار بالرغم من انهماكه بالرد على الطلبة والحاضرين وإلقائه لمحاضرة عملية على الطلاب، سألناه عن سبب تسمية المدرسة بهذا الاسم، فقال: الاسم تقاسيم هو الهدف وليوضح نوع الرحلة التي سيمر بها الطلاب والتي تبدأ من التراث الموسيقي الأصلي للشرق الأوسط في قوالب وإيقاعات متنوعة وعلى أساس المنهج، نطور مهاراتهم ومعرفتهم الموسيقية لكي يصلوا إلى عزف قالب الارتجال وليعبروا عن مشاعرهم وأحاسيسهم بالتقاسيم الموسيقية لان إظهار التقنية والعضلات في العزف أمر ساذج في أوربا لأننا تجاوزنا هذا الموضوع منذ قرون، المهم الروح، أما التقنية المعتدلة فهي وسيلة، فهنا لا نهتم بالعزف العضلي، هذا هو هدف المدرسة تعلّم العزف الروحي والتقاسيم التي هي روح العزف.وعن منهاج المدرسة أضاف مختار: لدينا دورات موسيقية أكثر هذا العام، بسبب الإقبال المتزايد، وسنقدم أسلوب مزج المواد الموسيقية المشتركة بين الموسيقى الغربية والعربية بطريقة فنية علمية، وليست عشوائية، ووزعنا موسيقى بعض الإلحان العربية لعزفها على الجيتار وسندعو طلاب الجيتار لتعلمها بأسلوب العود (وهي تجربة جديدة في العالم أي العزف على الجيتار بأسلوب العود)، وستكون تجربة ثرية من حيث التفاصيل والتوزيع.
إسهام فـي نشر الموسيقى التراثية الشرقية
نشر في: 29 يونيو, 2012: 04:45 م