اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > شارع الرشيــــــد .. تداعيات ومقترحات أولية لإحيائه

شارع الرشيــــــد .. تداعيات ومقترحات أولية لإحيائه

نشر في: 29 يونيو, 2012: 04:46 م

رفعة عبد الرزاق محمد |   1   -    2  | وعلى الرغم من أهميته التراثية والمعمارية، وبقاؤه أحد أبرز معالم بغداد القديمة، فقد تعرض للعديد من النكبات، غير أن نكبته الأخيرة بإغلاق أقسام مهمة منه، وتحول الكثير من وظائف أبنيته ومنشآته إلى غير ما كان عليه قبل عقود، كانت الأكبر. والمتجول في الشارع في يومنا، ينتابه الآسف لما آل إليه، غير أن النكبة ـ في حقيقتها ـ غير جسيمة، فالشارع لم يزل يمتلك نحو خمسين بالمئة من أبنيته القديمة التي شيدت في النصف الأول من القرن المنصرم ، ونحو سبعين بالمئة من رواقه الشهير بأعمدته الطويلة، وهي ـ كما يبدو ـ هوية الشارع. كما أن مسار الشارع لم يتغير إلا في منطقة السنك، بسبب الجسر الذي يربط جانبي المدينة، ويقع شارعنا تحت نهايته الشرقية.
  واليوم يتجدد الحديث عن إحياء شارع الرشيد إحياءً شاملا، ولا حديث عن إعادة الحياة إليه إلا بإعادة تعمير وتجديد أبنيته التراثية الباقية ورواقه الشهير.   وسنقف في هذا المقال السريع على جملة من المقترحات، يعتقد كاتب هذه السطور، أنها جديرة بالنظر مع الخطط والمقترحات الأخرى.ــ ــ ــ ــ ــإني أخشى على الشارع بعد تصاعد صيحات المطالبة بإصلاح أمره، أو التسرّع باتخاذ القرار، من خيال التطوير وتجريبية الشركات الهندسية التي يعهد إليها تنفيذ عملية التطوير المعماري. فالشارع وحدة واحدة ليست لها صلة بما حولها من محلات وجسور، فتلك لا تتصل مع الشارع إلا بمنافذ محددة، والحديث عنها ليس محله هنا.ومنذ البدء، كانت للشارع حكاية معمارية متميزة، فلم تعرف بغداد قبل فتح شارع الرشيد عام 1916، سوى شارع ضيّق يمتد من سوق الخفافين وينتهي عند رأس جسر الأحرار، هو ما يدعى بشارع المستنصر أو النهر. ولعله من بقايا دار الخلافة العباسية التي كانت تضم قصور الخلفاء وحريمهم وما يتصل بمقر الخليفة. وتذكر كتب الخطط البغدادية أنها كانت تمتد من شارع السمؤل (البنوك) حتى محلة المربعة التي تطل على دجلة، وهو على أية حال لا يمكن تسميته بشارع، أو قل انه زقاق عريض على غير ما عرف في أزقة بغداد.إن جميع أزقة بغداد الرئيسة كانت تبدأ من نهر دجلة تمتد عمودياً أو شعاعياً إلى مختلف أطراف المدينة (انظر إلى خرائط بغداد في القرون المتأخرة)، كما أن معظم الأسواق البغدادية القديمة يشملها هذا النظام، وان الكثير من هذه الأزقة تمتد إلى ما هو قريب من سور بغداد المزال عام 1870، على عهد الوالي مدحت باشا (وكان هذا الأمر من أسوأ إجراءات هذا الوالي) أو قريبا من السدة الشرقية التي أقيمت لحماية الجانب الشرقي من فيضان دجلة، وقد أقيمت عام 1909، واستمر أمرها الى أواخر الخمسينيات حيث أزيلت. فكان شق شارع الرشيد عام 1916، من شمال المدينة إلى جنوبها، تقطيعا لهذا النظام، وعلى غرار الأمر نفسه شق شارع السعدون عام 1932، وشارع غازي (النضال) عام 1936، فشارع الشيخ عمر في نفس العام،  فشارع الخلفاء عام 1957. والأمر نفسه في جانب الكرخ. يبلغ طول شارع الرشيد من باب المعظم إلى الباب الشرقي  (120و3) كم، وهذه المسافة في الربع الأول من القرن العشرين هي طول مدينة بغداد القديمة من جانبها الشرقي (الرصافة)، أما الجانب الغربي (الكرخ) فهو أصغر من ذلك، وعرض الشارع لا يتعدى الـ(5و12) متر، غير أن السائر مشياً في الشارع لا يكاد يشعر بطول الشارع بسبب الرواق الطويل على جانبي الشارع، وهو العلامة الفارقة للشارع وسر جماليته.ويبدو أن الوعي بحماية الشارع والحفاظ على تراثه، قد بدأ منذ ثلاثينيات القرن الماضي، فما ذكره المرحوم محمود صبحي الدفتري في بعض ما أملاه، انه في عهد أمانته للعاصمة في الثلاثينيات أراد توسيع شارع الرشيد في بعض مناطقه، إلا انه واجه معارضة شديدة، فرد على منتقديه أنهم سيندمون على معارضتهم في المستقبل!، وفي عام 1946 بدأت أمانة العاصمة في تطوير شارع الرشيد، إلا أنها اختارت وسيلة هدم بعض المؤسسات التراثية، ومنها جامع مرجان فقد كان حائط الجامع على الشارع كبيرا وجميلا، إلا أن معاول الهدم لم تبقِِِِِِِِ عليه، ما أثار حملة نقد كبيرة لجرأة الأمانة بهدم هذا الأثر الذي يرقى إلى العهد المغولي، ولعبت جريدة (صوت الأهالي) دورا كبيرا في ذلك. وكان المقال الشهير لصاحبه الأستاذ كامل الجادرجي، تحت عنوان (هدم جامع مرجان بآثاره الفريدة جناية على الفن) حديث الرأي العام، فبعد حديثه عن تاريخ بغداد الغني الحافل وفقره بالوقت نفسه بآثاره القديمة، قال: فوجئ الناس بهدم الجامع والظاهر أن أمين العاصمة الذي اعتبر هذه القضية قضية شخصية، عد نفسه مخذولا، فجدد نشاطه، واستعمل نفوذه الشخصي لدى الوزارة الحاضرة التي لم تعتبر قرار الوزارة السابقة بهذا الشأن قرارا نهائيا، فاستصدرت قرارا مستعجلا بهدم الشارع. وكم كانت دهشتي عظيمة عندما رأيت العمال يهدمون البناء من دون أن تكون هناك عناية بالمحافظة على تلك الآثار النفيسة، فكانت الكتابات والزخارف تتحطم وتنهار تحت الأنقاض من غير أن تكون هناك مراقبة ما من جانب مديرية الآثار، فذهبت إلى تلك الدائرة مستفسراً عن هذا العمل الشائن، فقيل لي انه لم يكن للدائرة سابق علم بهذا القرار الأخير، وأنها في تلك الحالة لم تتمكن من إنقاذ تلك الآثار إلا بنسبة ضئيلة، وهكذا تلاشى هذا الأثر النفيس نتيجة قرار طائش. نص الورقة التي ستكون محور الطاولة المستديرة التي تقيمها المدى

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram