جاسم العايف تعتبر "الميليشيا" بصفتها مجموعات مسلحة تابعة لأحزاب وقوى سياسية كانت معارضة للنظام سابقاً وبعد سقوطه شاركت في العملية السياسية وعددها تسع حسب القرار 91 الصادر من الحاكم المدني (بول بريمر) وثمة مليشيات أخرى مسلحة شكلتها مجموعات سياسية برزت بعد سقوط النظام . والقوى السياسية التي انخرطت في العملية السياسية عمدت وحرصت على تطوير "مليشياتها" المسلحة ،وصفتها الغالبة هو توظيف العنف للأغراض السياسية ذات الخلفية الطائفية واعتمادها ردود الأفعال من خلال القتل على الهوية والتهجير الطائفي المتبادل وهو أقسى حالات العنف الذي خلق مناطق معزولة خالية من النسيج الاجتماعي العراقي المتعدد تاريخياً.
ومن حيث المبادئ العامة يمكن اعتبار الميليشيات الدينية و الطائفية- العرقية هي البنية التحتية للحروب الأهلية في أي بلد ما.. وبالنسبة للعراق فإن ساحته الحالية مشرعة لذلك من خلال تدخلات وتأثيرات واسعة لدول الجوار العراقي- فعلية أو بالوكالة- وتعتبر الأرض العراقية الشاسعة عبارة عن أكداس منوعة لمختلف أنواع الأسلحة التي تركت في مخازن سرية بعضها لم يمس وهي مليئة بأنواع الأسلحة الفتاكة الخطرة إضافة إلى ما يهرب منها إلى العراق. إن توفر أنواع الأسلحة بسهولة ويسر للـ"الجماعات المسلحة والمليشيات" من الركائز الأساسية لاستمرار حالات العنف وتطوره بالترافق مع انهيار شامل لفعالية منظومة الأمن الوطني وقيم المجتمع العراقي وتحول ما بقي من البنية الاجتماعية المدنية شبه المتحضرة إلى طائفية- قبلية. ويحاول الساسة في العراق، المنخرطون بالعملية السياسية تحديدا ، من خلال تصريحاتهم المعلنة، دون الحكم والتأكد من وعلى توجهاتهم ونواياهم الكامنة، معالجة قضية "الميليشيات" لغرض استتباب الأوضاع السياسية في العراق كما أن الأمم المتحدة وهي تراقب تطور الأوضاع في العراق ، خاصة بعد أن لوحظ تطور نوعي في استخدام العنف الأعمى من خلال التراشق بالـ"هاونات" وهي علامات على إمكانية بدايات نشوب الحروب الطائفية المحدودة المصغرة بين المحلات السكنية دون تمييز وفي بعض أحياء العاصمة تحديداً، فإن،الأمم المتحدة، وهي ترى تنامي إمكانات تلك "المجموعات المسلحة" والمليشيات" في التأثير على الأوضاع العراقية ، حذرت من تنامي عوامل "حرب أهلية" في العراق تحمل معها بوادر صراع إقليمي قد يتسع.رابعا/ القوات الأمنية العراقية /رصد أداء هذه القوات فيما يتعلق بالعنف يتطلب معرفة أن تدريباتها كانت على يد القوات الأجنبية بهدف دعم ومساندة الدولة الجديدة والمساهمة بدعم العمليات العسكرية لتلك القوات ، أما المواطن العراقي وشؤونه الأمنية القانونية وحقوقه الإنسانية والدستورية ، فكانت أموراً ثانوية في إعداد هذه القوات التي حكمت عقيدتها العسكرية مواجهة (الإرهاب) .لقد توفر للـ"ميليشيات " ولبعض الجماعات المسلحة العراقية الغطاء السياسي والقانوني والإجرائي للدخول في هذه القوات واختراقها دون التأكد من أنها قد تخلت عن ولاءاتها السابقة، وهذه العوامل هي المؤثرة في رصد وتحليل ممارسات "العنف" الذي يكاد أن يحكم تصرفاتها وآلية عملها بشكل منهجي بسبب من أن القوات الأجنبية هي التي دربتها على هذا النهج في التعامل اليومي مع العراقيين وتحول إلى نموذج احتذته القوات الأمنية العراقية. و قوات الأمن العراقية تمارس استخدام السلاح من خلال إطلاق النار العشوائي كأفراد و جماعات ،ومنها حمايات المسؤولين الحكوميين على جميع المستويات وكذلك من خلال تفتيش البيوت المصحوب بالعنف المادي و اللفظي وهي مؤشرات تؤكد منهجية سياسية تجري دائماً بتنظيم في المناطق العراقية التي توصف بـ "الساخنة" وترافق ذلك حالات العقاب الجماعي لسكان تلك المناطق . وثمة ممارسات متعددة لهذه القوات منها التعذيب بطرق مختلفة بوسائل متنوعة كشفت عنها تقارير دولية موثقة جعلت الحكومة العراقية تعمد لتشكيل لجان تحقيقية لم يصدر عنها أي تقرير حول عملها أو ما توصلت إليه من نتائج. خامسا ـ عصابات الجريمة المنظمة / من المستحيل في ضوء تعقد الوضع العراقي وانتشار العنف فيه التمييز بين دوافع عمليات الخطف والقتل بتوجهات وخلفيات سياسية أو طائفية عن غيرها التي تقف خلفها وتمارسها عصابات الجريمة المنظمة المحلية والدولية.وبسبب ضعف سلطة الدولة والقانون ثمة شتى أنواع الإجرام والمتاجرة بالعراقيين للاستحواذ على ثرواتهم وآثارهم وكل مكونات بناهم التحتية ..الخ لأغراض شخصية- نفعية من خلال استغلال الواقع الاقتصادي وعدم فاعلية الأجهزة التنفيذية في محاربة الممارسات الإجرامية والقائمين بها والمخططين لها ناهيك عن التواطؤ من قبل بعض المنتمين للأجهزة الأمنية ذاتها و الخوف من ردود الأفعال العشائرية لمنتسبي تلك العصابات. ولم يتم توثيق تلك الجرائم دولياً إلا من قبل هيئة "اليونسيف" وبعض المنظمات الدولية التي كشفت في تقاريرها الموجزة واقع الأطفال المشردين والمتاجرة ببعض النساء والفتيان كـ"رقيق ابيض". الحقوق والحريات العامة والشخصية/ وقفت قوات الاحتلال في العراق وحتى بعد أن تحولت إلى "القوات متعددة الجنسيات" ،عبر قرارات الشرعية الدولية ،في مقدمة منتهكي الحريات الشخصية وتجاوز الحقوق العامة، وما كُشف من فضائح في سجن "أبو غريب" وأماكن أخرى وممارسات متنوعة ذات طابع عنفي تجاه بعض المن
العنف ومصادره بعد سقوط نظام صدام (2-2)
نشر في: 29 يونيو, 2012: 04:49 م