عباس الغالبي تراجعت الحكومة عن تطبيق قانون التعرفة الكمركية بعد ان كان من المقرر البدء بتطبيقه نهاية حزيران المقبل ن حيث اعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة طلبا قدمه مجلس النواب لتأجيل التطبيق الى اشعار اخر لعدم ملائمة الظروف الحالية بحسب البيان الحكومي ، ويبدو هنالك تخبط واضح في الاجراءات الحكومية حيال القوانين الاقتصادية وامكانية تطبيقها ، فبعد ان اعلنت وزارة المالية قبل اكثر من شهر عن موعد جديد لتطبيق قانون التعرفة الكمركية ،
تراجعت مرة اخرى وبثقل عالي المستوى تمثل ببيان لمجلس الوزراء بهذا الخصوص ، من دون توضيح المسوغات الحقيقية لهذا التأجيل المفتوح ، لاسيما وان هذا القانون الصادر عام 2010 تعرض لعملية التأجيل لاكثر من مرة تحت مبررات شتى كلها تندرج في اطار مصالح المستوردين الذين عادة ما يلوحون ويهددون برفع الاسعار إذا ما جرى تطبيق هذا القانون ، من دون مراعاة لمصلحة المستهلك الذي يتحمل فنطازية التجار والمستوردين وعجز الحكومة اللافت عن النظر للاتيان بمعالجات وآليات واجراءات يفترض ان تترافق مع تطبيق حيثيات هذا القانون .وكنا في عمود يوم امس أشرنا وبشكل واضح للادوار الملقاة على عاتق الجهات الحكومية فضلاً عن بعض المنظمات الاقتصادية ذات الصلة للحد من رغبة التجار الجامحة لرفع الاسعار في حال تطبيق قانون التعرفة الكمركية ، ودعونا كذلك الى تضافر جهود الجميع سعياً لتسهيل تطبيق هذا القانون الذي يعمل في أولى وأهم اهدافه على حماية المنتج المحلي ، ولكن دعوة الحكومة لمجلس النواب بالتأجيل من دون توضيح مبررات واقعية ، تجعل الحكومة جهة ساعية الى تكريس ظاهرة الاغراق السلعي من مناشئ رخيصة في أثمانها رديئة في نوعيتها ، وإزاء ذلك عدم توفير الحماية اللازمة للمنتج المحلي وامكانية النهوض بالصناعات المحلية ، وجعلها منافسة حقيقية للصناعات المستوردة ، وهذا غير مبرر في الوقت الحاضر لاسيما وان هذا القانون بالتحديد تعرض للتأجيل لاكثر من مرة ، وإذا كانت هنالك مبررات واقعية وعملية ومنسجمة مع حاجات ومتطلبات السوق الحالية ، نريد ان نعرفها من الحكومة صاحبة قرار التأجيل .وعلى وفق العرف الاقتصادي فإن هذا التخبط يعطي ايحاءات للمستهلك بان دوافع غير مرغوب فيها قد تكون وراء هذا التأجيل ، ففي الوقت الذي نتطلع فيه الى تكريس واشاعة ثقافة الضريبة والكمارك والمعايير النوعية للسلع والبضائع الداخلة الى العراق ، نرى ان تتجه الجهات الحكومية الى تعطيل القوانين الاقتصادية المنظمة لحركية السوق وتبادلاته التجارية وتشجيع شريحة التجار الساعية لتحقيق هامش ربح عال في ظل سلع وبضائع متدنية المعايير والنوعية تحت حجج متطلبات السوق ولاسيما الشرائح الفقيرة وذوي الدخل المحدود وهذه ثقافة استهلاك غير صحيحة بحاجة الى اعادة نظر وتغيير والاتجاه نحو سوق رصينة تراعي المتطلبات والنوعية على حد سواء
اقتصاديات:ما تبريرات تأجيل التعرفة الكمركية ؟
نشر في: 29 يونيو, 2012: 04:54 م