TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :عنان في دمشق ماذا يقول وماذا يسمع؟

في الحدث :عنان في دمشق ماذا يقول وماذا يسمع؟

نشر في: 29 يونيو, 2012: 04:57 م

 حازم مبيضين تأتي الزيارة الثانية للمبعوث الدولي العربي المزدوج كوفي عنان إلى دمشق, مثقلةً بأنباء مجزرة الحولة, حيث يمكن له من  سفح قاسيون, أن يشم رائحة دماء الأطفال الأبرياء قادمةً من الشمال, وقادرةً على التغطية على روائح الياسمين الدمشقي, غير أنه سيتجاوز كل ذلك للترويج مجدداً لخطته باعتبار أن لاشيء سواها يصلح للتطبيق على الأرض حقناً للدم, وسينسى أن حوالي 1300 قتيل روت دماؤهم أرض بلاد الشام, منذ التزم طرفا الصراع بهدنة, بات واضحاً أن الجميع استغلها لتقوية موقفه الميداني, تحت سمع وبصر المراقبين الدوليين, الذين لا يملكون وسط جنون المعارك, أي إمكانية لفعل أي شيء مفيد.
يأتي عنان إلى عاصمة الأمويين, مسلحاً بقرار رئاسي دولي يدين المجزرة ومرتكبيها, وهو قرار يصلح في ظل الظرف الراهن, لنقعه وشرب ماء النقع ليس أكثر, وهو قرار قابل للتأويل لمصلحة الطرفين, وكان ذلك واضحاً من التعاطي الإعلامي معه على ضفتي الصراع, ولذلك فإن المتوقع والمطلوب أن يقول المبعوث الأممي وراء الجدران المغلقة, كلاماً غير ذلك المصروف للإعلام, وأن يكون أكثر تحديداً في التأشير على مرتكب جريمة الحولة, مستنداً إلى تقارير الخبراء من مراقبيه, الذين زاروا المدينة المنكوبة, وعاينوا والدم ما زال ساخناً, آثار المجزرة المروعة.في القصر الجمهوري في المهاجرين, سيسمع عنان اتهامات كثيرةً لتنظيم القاعدة ومن يؤيده من المعارضة المسلحة بارتكاب المجزرة, وستدخل دول إقليمية قفص الاتهام الرسمي السوري, وسيشدد النظام على عدم مصلحته في وقوع جريمة كهذه, ومن معارضي النظام سيسمع اتهامات للنظام وشبيحته بارتكاب المجزرة, وفي الحالتين ستظل الاتهامات المتبادلة, غير قابلة للتعامل معها على أنها حقائق نهائية, وسيكون على الدبلوماسي العالمي أن يجتمع بالمراقبين ليسمع منهم, ويبني موقفه على ما يقولون, وسيكون عليه أيضاً أن يتجول قليلاً بين الناس ليسمع منهم,وستكون المفاجأة كبيرة إن غادر سورية, دون أن يعرج على الحولة, ليسمع من أهلها تفاصيل ما جرى.شهداء الحولة من الأطفال الأبرياء, لا ينتظرون من عنان شجباً للمجزرة التي سرقت أرواحهم, حتى لو جاء ذلك الشجب بأشد العبارات,  وأكثرها قسوة, فذلك لن يعيد لهم الحياة, لكن بعض حقهم على المجتمع الدولي, الذي فشل في حمايتهم, هو كشف الفاعل والعمل على معاقبته, ولعل أقدر الناس على إبلاغ عنان بهوية المجرمين هو من بقي على قيد الحياة من سكان الحولة, فقد كانت عيونهم مفتوحة وهم يتلقون الضربات, وما زالت آثار الرعب مقيمةً على وجوههم وفي أرواحهم, ومستحيل أن ينسى رجل وجه مجرم يحز رقبة ابنه بالسكين, ويترك الأب حياً, ليس رأفةً به, وإنما ليقاسي العذاب ما بقي له من العمر.لتستعيد المنظمة الدولية بعض الثقة, فإن على المبعوث الدولي أن يكون على قدر المهمة المنوطة به, وعليه أن يستجمع كل ما في تاريخه من جرأة, ليقول ما يجب أن يقال, وهنا فإن الابتعاد عن لغة الدبلوماسية حمالة الأوجه ضرورة على عنان أن يأخذها بعين الاعتبار, قبل أن نتهمه بأنه جاء دمشق سائحاً, ولم يأتها لحل مشكلتها على أسس القانون الدولي والإنساني وإرادة المجتمع الدولي, وبما يحقق طموحات السوريين, ولا يسرق من عيون أطفالهم الآمال بغد يعوضهم عما عانى منه آباؤهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram