TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > شـــارع الرشيـد..تداعيات ومقترحات أولية لإحيائه

شـــارع الرشيـد..تداعيات ومقترحات أولية لإحيائه

نشر في: 29 يونيو, 2012: 05:14 م

|   2   -    2  | الحقيقة أن تجميل المدن أصبح فنا رفيعا يحتاج إلى ثقافة واسعة ودراسة شاملة، بالإضافة إلى الاختصاص والتنظيم في ما يتعلق بالفن المعماري وتاريخ المدينة التي يراد تجميلها أو إعادة تنظيمها، والصفة الخاصة التي تمتاز بها أيضا. فليس تجميل المدينة معناه تخطيط الشوارع بالمسطرة من دون الالتفات إلى ما يجب صيانته من آثار نفيسة قيمة إن وجدت...
فحتى في المدن التي لا تعترض الآثار التاريخية تخطيطها أصبح التخطيط يعين بموجب انحرافات اصطناعية خشية أن تكون الاستقامات الطويلة مملة، وبهذا الاعتبار لا يتطلب تجميل مدينة بغداد نفسها أن تكون شوارعها على هذه الاستقامة المملة، بل كان يجب أن تراعى فيها قبل كل شيء المحافظة على البقية الباقية من آثارها القديمة. (صوت الأهالي 9 نيسان 1946).وعندما تأسس مجلس الإعمار في الخمسينيات ووضعت الأموال الكبيرة لمشاريعه، لم يضع المجلس أياً من الخطط العمرانية للتوسيع أو تطوير ما هو كائن، بل كانت المشاريع العملاقة والطرق الكفيلة لإنهاض العراق بشكل عام هي الأصل الذي أسس المجلس لأجله. ولم يعد الحديث عن تطوير شارع الرشيد إلا في السبعينيات، ضمن تطوير العاصمة بشكل عام، غير أن تنفيذ ما يتعلق بشارعنا لم ير النور. أما السنوات التالية فقد كانت عملية تطوير الشارع لم تتعد طلاء أبنيته وأعمدته ليس إلا، واستمرت عمليات التشويه على قدم وساق، على الرغم من الكتابات الصحفية الخجلى.   لعل أهم ميزات الشارع وجماليته هو الرواق الطويل الذي يعد هوية الشارع، وهو الرواق الذي يحمي المشاة على جانبي الشارع من الشمس والمطر والضجيج، ويعطي الرواق شخصية موحدة لجميع أبنية الشارع.   والملاحظ أن معظم الأبنية التقليدية المشيدة على الشارع ـ سوى الأثري منها ـ يرجع تاريخها إلى ما بعد عام 1920، فقد استعمل فيها نظام (العقادة بالحديد الشيلمان)، وهذا ما اثر في نظام أعمدة الرواق، فالمسافة بين عمود وآخر لا يزيد على أربعة أمتار تقريبا. أما الأبنية التي هي أقدم من ذلك ، فكانت غير متقدمة بأعمدة أو رواق. وفي الصور القديمة للشارع نرى عددا من الأماكن الخالية من الرواق وأعمدته. غير أن بعض الدور القديمة التي أصبحت مطلة على الشارع بعد أن شيدت إضافات جميلة من الغرف بشناشيل بغدادية رائعة، استندت الى أعمدة، واستمر من تحتها رواق الشارع كبيت عارف اغا، وبيت القيماقجي، وبيت الملا حمادي. أما بناية شركة لنج للملاحة النهرية المشيدة عام 1906 ، فقد كان بابها الكبير في شارع النهر، ولكن بعد فتح شارعنا، أضافت ما نراه اليوم مطلا على الشارع كما اعتقد، وإن كانت أعمدة رواق بيت لنج على غير ما ألفناه من أعمدة الشارع الاسطوانية، وهو ما يتميز به الشارع .   ومن المؤسف، لم تلتزم الجهات الحكومية او الأهلية بنظام الرواق التقليدي لشارع الرشيد في الأبنية التي شيدت في الشارع في العقود التالية. يذكر الدكتور إحسان فتحي: ابتداء من منطقة البنوك والشورجة، سمحت أمانة العاصمة لأبنية تجارية وإدارية مرتفعة مثل بنك الرافدين ( 15 طابقا )، والعمارة المقابلة لجامع مرجان (8 طوابق )، وعمارة البدوي (12 طابقا  60 بالمئة من جميع الأبنية في الشارع)، وعمارة الأوقاف في شارع سينما الخيام ( 12 طابقا )، وعمارة المواصلات ( 11 طابقا )، وعمارة مواقف السيارات ( 6 طوابق ). أني اعتقد أن السماح لمثل هذه الأبنية المرتفعة مباشرة على شارع الرشيد قد افسد الكثير من خصوصية الشارع، ولا انطلق هنا من موقف مبدئي ضد المباني العالية، ولكن أرى أن السماح لطابقين فوق الطابق الأرضي يجب أن يكون الحد الأعلى بشكل عام . ومما يؤسف له أيضا أن الأمانة لم تبادر في أبنيتها (مثل السوق العربي ومواقف السيارات) الالتزام بمبدأ الرواق. ويبلغ عدد الأبنية التي تقل عن ثلاثة طوابق 172 بناية أي بنسبة 60 بالمئة من جميع أبنية الشارع، أما الأبنية التي تقل عن ستة طوابق والى ثلاثة طوابق تبلغ 102 بناية، والأبنية التي تتراوح من ستة طوابق إلى 15 طابقاً بنسبة 35 بالمئة، والأبنية التي تتراوح من ستة طوابق إلى 15 طابقا تبلغ 14 بناية أي بنسبة 5 بالمئة. وتشير هذه الأرقام الحقيقية إلى مدى الخطورة التي تهدد الآن هذا الشارع بالزوال إلى شارع آخر في بغداد. (حكاية معمارية مثيرة. مجلة الرواق لسنة 1983). هذا ما كان عليه الأمر قبل ثلاثة عقود، ولم يستطع احد استدراك ما آل إليه الشارع من مصير مجهول، ومما أسعف الشارع أن تتوقف المشاريع العمرانية الكبيرة في نهاية الثمانينيات ثم توقفها تماما بعد المغامرة الطائشة لاحتلال الكويت وما عقبها من تداعيات، أوقفت مشاريع الدولة وخططها، وما جر ذلك من توقف المشاريع العمرانية الخاصة. أما اليوم، ووفق تنامي فكرة تطوير الشارع، وما رصد إليها من ميزانية ضخمة ـ كما قيل ـ  والطلب الملح لحماية الشارع والحفاظ عليه شكلا ومضمونا ، بعد انحطاط أمره في السنين الأخيرة ، فيعتقد كاتب هذه السطور أن تتم عملية إحياء الشارع وبعثه من جديد، وفق النقاط الآتية: 1ـ شمول أبنية الشارع الباقية بقانون الحفاظ على الأبنية الأثرية، المطلة على الشارع أو التي تبعد عنه بما لا يقل عن 25 مترا.2 ـ الشروع بتعمير أو تجديد هذه الأبنية بما يبقي على معالمها بنسبة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram