هاشم العقابي قبل أن أتحدث عما صرت أظنها "معجزات" فكرت أولا في البحث عن معنى "المعجزة". وجدتها في الأغلب تعني أنها أمر خارق للعادة. وأنها سميت كذلك لأن العقل يعجز عن إدراكها أو تفسيرها. لذا يصبح حديثي عنها لا يؤخذ بعدا روحيا أو إلهيا، بل أني، وبعد أن كثر الحديث عن "سحب الثقة" من رئيس مجلس الوزراء، صرت أسمع وأرى ما يعجز عقلي عن تفسيره. للحقيقة، عندي قائمة لأمور كثيرة من هذا النوع، لكني سأتوقف عند بعضها التزاما بعدد الكلمات المسموح بها لهذا العمود.
أول أمر خارق، وليس حارقا، هو كسر "الكلبجة" من قبل المتهم ليث الدليمي عضو مجلس محافظة بغداد. لا أريد أن أصدر أحكاما أو تحليلات فكل شيء جائز ووارد بعراق اليوم. الذي يهمني هو كسر القيود والسلاسل، الذي لم أشاهده من قبل إلا في الأفلام الخارقة من أيام "عنتر وعبلة" و"هرقل الجبار". المعروف أن الكلبجة" كلما يحاول "المكلبج" أن يعتّها تزاد إحكاما وضغطا على يديه. بحثت هنا وهناك حتى أني ذهبت لموقع حزب الدعوة والمواقع الكثيرة التي تناصره فوجدتهم مثلي حائرين بالأمر. هم وليس أنا، يقولون بالنص: "لا نعرف حتى هذه اللحظة كيف فك السجين القيد عن يديه بهذه السرعة". وهنا فقط أضيف سؤالا لسؤالهم: ولماذا انفك في أيام قضية "سحب الثقة" ولم يحدث قبلها؟ معجزة أخرى ولو أنها ليست بحجم وقوة السابقة، هي أن تخرج مستشارة لرئيس الوزراء لتصف ما حدث في اتفاقية أربيل بقولها "عندما تقاسمنا الكعكة". هل سمعتم من قبل بمستشارة لرئيس حكومة تسمي الاتفاقات "كعكة"؟ ولا أدري هل قصدت السلطة أم الوطن أم إننا المواطنين صرنا "كعكة"؟ اعتقد انه لولا قضية "سحب الثقة" ما كانت المستشارة ستقول ذلك. عادة سمعنا أن أعداء "العملية" السياسية يطلقون على "الشركاء" وعلى أعضاء الحكومة أنهم تقاسموا الكعكة. لكن أن تقول مستشارة رئيس الحكومة ذلك، فهذا فعلا أمر خارق "للعادة".أما معجزة المعجزات فجاءت على لسان السيد سامي الأعرجي رئيس هيئة الاستثمار الوطنية، الذي أعلن: "أن شركة هانوا الكورية الجنوبية المنفذة لمشروع بسماية السكني وعدتنا ببناء 1800 وحدة سكنية شهرياً". هذا يعني 60 وحدة يوميا. ولو افترضنا أن الشركة ستعمل 24 ساعة من دون استراحة أو انقطاع، وهذه وحدها معجزة أيضا، فإنها ستبني وحدتين ونصف الوحدة في الساعة. أي في كل 24 دقيقة ستبني شقة جاهزة مجهزة. صلوات.عقلي الذي يرفض هذا يقول لي: إننا لو أعطينا قلم رصاص وورقة لرسام بارع لما تمكن من رسم شقة بشكل صحيح خلال 24 دقيقة. ويقول لي أيضا إن أهلنا دائما يقولون "إن بيت الله، وهو الله جلت قدرته، بني بسبعة أيام" فكيف ستتمكن هذه الشركة من بناء أكثر من 420 بيتا في أسبوع؟!ليس أمام عقلي غير أن يرفع الراية البيضاء ويقول إنها معجزة حقيقية. سألت عقلي المذهول مرة أخرى: لماذا لم تحدث مثل هذه الأمور قبل قضية "سحب الثقة" ؟ ردّ عليّ:الساتر الله من زمان المعجزات.
سلاما ياعراق :معجزات "سحب الثقة"
نشر في: 29 يونيو, 2012: 05:58 م