TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > هو مربدنا قبل كل شيء

هو مربدنا قبل كل شيء

نشر في: 29 يونيو, 2012: 06:06 م

ياسين طه حافظ قد يبدو السؤال بسيطاً، أو هو ليس بالصيغة الأدبية الرفيعة التي تناسب حديث الأدب ودرجة المعنى الثقافي في الموضوع. لكنني جاداً اسأل هذا السؤال وأريد قاصداً أن أكون واضحاً ومباشراً.لا خلاف على أن أي أديب حتى أي معني بالأدب، يريد أن يكون المؤتمر الأدبي، أو المهرجان، بالصورة الفضلى، أو يريد أن يُرضيه . والعبارة الأخيرة أكثر دقة كما أظن . وهنا تصبح الإشارة إلى الثلم أو العيب، إشارة نافعة وفعلاً ايجابياً مطلوباً من الجميع.
حتى الآن لا اعتراض. لكني أسأل: لماذا الكتابة في الصحف إذا كنا نريد التوجيه أو التنبيه على الخطأ؟ هل كتب أحد ملاحظاته بمذكرة أو رسالة لطيفة وقدمها مخلصاً وبلا "نوازع" أخرى إلى الهيئة التحضيرية مثلاً ليشكروه عليها وليساعدهم هو في تلافيها؟ هل التقى احد بأي من تلك النخبة، وهم متواجدون مع الوفود، في القاعات والفنادق ليل نهار، وأشار بمحبة وهدوء إلى ما يجب تلافيه إن كان ذلك ضمن مجال فعلهم؟ أم إننا ما نزال نخاطب الدولة قصد التحريض على من يتولى العمل مثلما كنا من قبل حين كان القائمون تحت سطوة الدولة والحزب، وننشر في الصحف قصد إبلاغ الأعلى – الدولة برئيسها أو وزير ثقافتها لنتقرب من جهة ونؤلِّب ونحرض من جهة؟لكن الهيئة التحضيرية في البصرة أدباء متطوعون لا يعملون بأجر ولا راتب ولا بتكليف حزبي وراءه جدوى، شعورهم بالمسؤولية الثقافية وحده ألزمهم بان يقضوا تلك الأيام والتي قبلها ويوماً أو يومين بعدها بعيدين عن عوائلهم وشؤونهم الشخصية وكان التعب والجهد واضحين كل الوضوح عليهم، وما رأينا أحداً منهم لاهياً مثلما كان يلهو الكثير من المدعوين فلا مساهمة بشعر ولا ببحث ولا في جلسة نقدية ولا حتى في إصغاء جيد، بل كان لهم المربد فرصة للتمشي والتعليق وأحيانا للسلوك المعيب (...!).ولنفترض أن الكلام الصحفي والتخاطب (عالي الدرجة) كان موجهاً لوزارة الثقافة، حسناً، مذكرة تفصيلية مؤدبة وهادئة ومن غير إدانة لهذا أو ذاك، من غير غرض، أو أغراض شخصية، أو غير شخصية، مما تُشيعه السياسة البائسة اليوم، تُقَّدم إلى وكيل الوزارة باحترام.كلنا نعلم أن عدد المدعوين كبير صعبة السيطرة عليه ضمن إمكانات المدينة. مع ذلك فقد سارت الأمور بالدرجة المقبولة. وكثافة العدد ونوع المدعوين عراقيين أو من العرب والأجانب هو مسؤولية الوزارة . أدباء البصرة مثلنا غير مرتاحين للكثير مما جرى ولكنهم ليسوا سلطة رسمية هم أدباء متعاونون لإنجاح العمل .كما أن المال والصرف والفنادق ونوع الطعام وتذاكر السفر مهمات إدارية تخص الوزارة كما نعلم ولا أظن أياً من إخواننا كتاب التذمر في الصحف قادرين على أن يفعلوا أكثر مما استطاعه أدباء البصرة.. ولو كان الأمر عائداً للجنة التحضيرية هناك لما صرفوا تذاكر سفر وأجور فنادق لشعراء أجانب من الدرجة العاشرة، واحد بلا مجموعة شعرية واحدة وأخرى لها مجموعة شعرية واحدة.. أي شاعر في ميسان أو في البصرة، بله من بغداد، شعره أكثر تطوراً منهما وأفضل وشاعر عربي ارتكب عملاً معيباً لا أدري ما ضرورة دعوته، وما ضرورة دعوة تلك؟ هل قيمتها الأدبية؟ ثم ما جدوى دعوة شاعر عربي أو أجنبي؟ أليس لكي يفيد الشعراء المحليون من تقنياته الحديثة ومن آفاقه الفكرية الأوسع؟ على أية حال هذه ليست مسألتنا الآن، فنحن نعرف ما وراء الأكمة ! لكني أسأل عما وراء التحريض والتأليب والجميع يعلم بحرج ، ولا حول ، الهيئة التحضيرية أمام سلطان الوزارة وشبكة علاقتها – وضمنها مهماتها الرسمية الواجبة والتي يجب على الجميع احترامها فهو عمل رسمي خاص بالوزارة وبرؤيتها. دعوا المنافسات الشخصية جانباً فما يدان به هؤلاء اليوم ستُدانون به تماماً إذا جئتم بديلاً عنهم. احترام الأدب يُشرفنا أكثر من أي سواه ، سياسة أو خصومات. الأدب قبل كل شيء ، والدولة ، كل دولة هي هكذا في الشرق الأوسط !أظن أن تقديم ملاحظاتنا وأفكارنا بايجابية مخلصة للجنة التحضيرية المشكورة كل الشكر على جهدها ، أو إلى مسؤولي الوزارة - وكيلاً أو وزيراً - للإفادة منها، تُبعِد عنا الحماسات وتقربنا للموضوعي وتمنحنا نزاهة قصد . وهذا عمل صحيح ومطلوب من الجميع .. لا يفوتنا أن أي عمل مرتبط بالدولة يخضع لـ"رسميات" و"آليات" عمل تحكمها الضوابط ، وطبعاً لا تبتعد الضوابط دائماً عن الأمزجة ، ونحن نعرف ذلك ولا ضرورة لمزيد من الكشف...بعد هذا نحن لا بد من أن نواجه حقيقة ثقافية لا نستطيع نكرانها، هي: ليـس كل الأدباء أدباءوليس كل الشعراء شعراءوهذا هو مستوى البلد الحضاري!هذه الحقائق الثلاث لا بد من أن تؤثر في نوع الشعر الملقى وفي نوع السلوك أيضاً.أخيراً إذا استطعنا أن ننحي الرغبة في الإعلان، وأبعدنا الغرض الإعلامي للخارج، وأختُصر العدد. لتمكنا عندئذ من تنظيم صالات ثقافية أو قاعات: 10-15 شاعراً من في صالة خاصة بالشعر وصالة بحوث (8-10) باحثين في قضية من قضايا الأدب وصالة لمناقشة قضية فكرية من قضايا الساعة من قبل باحثين يختارون بعناية .. فنكون بهذا اقرب للجدوى وابعد عن الفوضى... أما الإعلام ومهرجانات الدولة فهي كذلك وستبقى..بقي أن أقول للجنة التحضيرية في البصرة: أحييكم أيها الإخوة المخلصون فقد حاولتم بجهد المخلصين إسناد المربد والحفاظ على روح الأدب فيه وليس هذا غريباً عليكم، البصرة مؤتمنة دائماً على الجوهر!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram