عامر القيسيتجربة ما بعد التغيير أثبتت لنا بأن الدكتاتور قد سقط وولى لكن ثقافة الدكتاتورية مازالت معششة في الفكر الأيديولوجي الذي طفا على سطح العمل السياسي، ورائدة هذا الترسيخ والاتجاه هي الأحزاب الأيديولوجية وتحديدا منها، التي روجت وتروج لمفاهيم القائد والوحيد والمنقذ، وهي مفاهيم ومفردات من المفترض أن نكون قد تجاوزناها في عصر العراق الجديد، أو من المفترض أن يكون هكذا.
قيل أن لا بديل عن صدام وعن حسني مبارك وزين العابدين والقذافي وفي مخاض الثورة السورية أن لا بديل عن بشار، واليوم، تتردد النغمة ذاتها في أن لا بديل عن المالكي، وحسب تصريحات صقور دولة القانون، فان العراق ما بعد المالكي ذاهب إلى الهاوية، ومنها التقسيم والحرب الأهلية والمجهول، والموالون للسيد المالكي يهددون بالفدرالية والأقاليم كما هو الحال مع محافظة البصرة، بل وكما قال احد المنقلبين على المالكي، في عمود له بإحدى المجلات الأسبوعية بعنوان " المالكي بديلا عن المالكي " ثم اكتشف الرجل أن المالكي لايصلح لرئاسة الوزراء كما في احد أعمدته في احد المواقع الإلكترونية!! ربما نتفق مع المتشبثين برأي اللابديل، لو أن الأصيل قد قدم من المنجزات للذين ينتظرونها مالم يستطيع غيره أن يقدمها، ولو أن هذا الأصيل صنع الهوايل، كما يقال، في حل وحلحلة الأزمات التي يمر بها البلد من الخدمية إلى الأمنية إلى الكارزما القوية التي تجمع المختلفين تحت سقف البرنامج الوطني الموحد. ونحن نسأل ما الذي قدمه المالكي بصفته الرسمية للناس ولناخبيه قبل كل شيء عندما يتحدث الطبالون عن اللابديل، هل يعرف المروجون لفكرة القائد الضرورة، أن رئيس بلدية روما قدم استقالته من منصبه لأن امرأة سقطت في حفرة في احد شوارع روما وانكسرت ساقها واعتبر نفسه مسؤولا مباشرا عن الحادث، وهل يعرفون أن وزير الدفاع الألماني قدم استقالته لأن أطروحة الدكتوراه التي ناقشها فيها اقتباس لم يذكر مصدره في رسالته، وهل تعرف هذه الجوقة أن الاتجاهات التي يرو جون لها هي نفس الترويجات الصدامية و القذافية وأنها تتنافى حتى مع الدستور العراقي الحالي، وأن مرحلة أنا وليكن من بعدي الطوفان هي مرحلة الأنظمة الدكتاتورية البغيضة..! فهل هم من مروجي هذه الاتجاهات؟ نعرف أن بعضهم، من باب الأمانة، من نتاج المدرسة البعثية الصدامية وهم في حماية الماكي نفسه من المساءلة والعدالة والنزاهة أيضا، لذلك يستقتلون دفاعا عن فكرة اللا بديل، لان الغطاء سينكشف عنهم، وان لم يحصل اليوم فانه سيحصل لاحقا وقريبا جدا. من جهة أخرى يخرج علينا الحاج المالكي ليهددنا بأن سحب الثقة منه سيخسرنا انجازاته الضخمة وستنهار منظومة الكهرباء والتعليم والصحة والأمن معا دفعة واحدة بمجرد أن يغادر سيادته كرسي رئاسة الوزراء!والمالكي يعتبر المشككين، إما مختلين عقليا أو أنهم منحرفون ومعادون للعملية الديمقراطية التي يقودها بكل اقتدار حسب ما جاء بتقرير أكثر من منظمة دولية مستقلة ومهنية عن الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان في عهد المالكي تحديدا!والمالكي يتباهى علنا بأنه هزم الليبراليين في الجامعات وهو الذي قال نصا " شلون انعوفهه " يقصد السلطة، وهو نفسه الذي تنكر لرفاق الأمس في خنادق معارضة الدكتاتورية الصدامية، فيرسل لمقرات الشيوعيين بين الفترة والأخرى الهمرات الأميركية لجر الأذن ورفع اليد عن الاحتجاجات الجماهيرية التي يعتقد المالكي أن الشيوعيين يحملون لواءها!! وهو غير مكترث باحتجاجات التيار الصدري على سوء إدارته للبلاد إلا من خلال المساومات على كرسي رئاسة الوزراء، وهو لايسمع من المجلس الأعلى إلا مايريد أن يسمعه، وأخيرا يكتشف أن العراق رهين لكردستان وهو الذي وقع على اتفاقية أربيل بكل أريحية للجلوس على كرسيّه الحالي!!ولكي لانستطرد كثيرا نقول: إن المالكي في خطابه المجلجل لم يكلف نفسه،، أن يدلنا على الانجازات لكي نذهب إليها ونكتشفها ونؤمن بها ونلقم المشككين حجرا ونفهم المواطنين أن احتجاجاتهم باطلة وأنهم لايرون الانجازات أو أنهم لايريدون رؤيتها وان لابديل عن المالكي إلا المالكي نفسه!!كنت أتمنى على المالكي أن يقول لنا بالأرقام عن انجازاته لكي نلقم أفواهنا حجرا أيضا، لكنني سأتحدى المالكي أن يخبرنا عن انجازاته الضخمة التي نخشى أن نخسرها إذا خسر حضرته كرسي رئاسة الوزراء!!ماهو البديل الذي نخشى أن نفقد بسببه إنجازات المالكي؟ هذا هو السؤال الذي يتوجب على المالكي وصقور دولته أن يجيبونا عليه!!
كتابة على الحيطان :البديل
نشر في: 29 يونيو, 2012: 06:40 م