 متابعة / نورا خالد -  تصوير/ محمود رؤوف القراءة والكتاب.. كان هاجسَ المدى وهي في طور التأسيس قبل عقدين ونيّف، بدأتْ المدى بالكتاب، ولن تنتهي باحتفائها به الآن، ذلك أن الكتاب سيبقى محور أيّ نشاط لها. لسنا بحاجة إلى دليل، يظهر اهتمام المدى بالكتاب.. صناعة وترويجاً وتسويقاً.. بل إن المدى الجريدة هي المطبوع الوحيد في العراق الذي خصص للكتاب ملحقاً أسبوعياً..
 ويقيناً جميعكم يتابع ويقتني من سلسلة (كتاب المدى للجميع) هذه السلسلة الشهرية التي توزع مع صحيفة عربية بالمجان وهو ما شكل ظاهرة لافتة في العراق والعالم العربي.دار المدى للنشر وبحجم ونوعية ما تنتج شكلت وخلال فترة قياسية حضوراً مهماً في مشهد صناعة الكتاب العربي.الآن.. كان للمدى ما تبتكره من تجسير العلاقة بين الكتاب وجمهوره فكانت تظاهرتها هذه.. (نص علينا ونص عليكم) من اجل الإسهام في اقتناء الكتاب وإشاعة فعل القراءة.. وهي مساهمة حرصت على إدامتها المدى وما تزال. وستتبعها لاحقاً نشاطات أخرى كثيرة.. بهذه الكلمات بدأ الزميل رئيس القسم الثقافي علاء المفرجي فعالية بيت المدى: سالم الآلوسي: الكتاب في الآثار والتراث العربيالباحث سالم الآلوسي كان أول المتحدثين والذي بدأ كلامه بآية من القرآن الكريم دلل فيها على أهمية القراءة فقال:  اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علّم بالقلم، علّم الإنسانَ ما لم يعلم.. هذا ما جاء في القرآن الكريم، الذي أمر بالقراء أولاً، وإذا نظرنا إلى الماضي وأمعنا النظر في الكتابة والقراءة منذ بدء حياة الإنسان وتعلمه القراءة والكتاب نستنتج من علم الآثار والتاريخ أن الكتابة كانت اسبق من القراءة، فماذا كان يقرأ الإنسان الأول، قرأ ما كتبه أولاً على الأحجار والطين والعظام والأخشاب ثم الجلود وأوراق البردي أو الطوماء إلى أن توصل إلى صناعة الورق، وعن هذه المواد أو الأوعية نشأ مصطلح الكتاب، ومن هنا جاء قول الشاعر:ان الكتابة رأسُ كلِ صناعةٍ وبها تتّم جوامع الأعمالفرقيم الطين او الحجر هو كتاب صغير وإذا تعددت الرُّقُم فيمكن وصف ذلك بكتاب بعد أجزاء وهكذا وكانت خزائن الكتب أو المكتبات من العراق القديم يطلق بالبابلية اسم (بيت- مومي) والـ (ادا-إيدبا Adda edubba) ابو بيت الرقم –أي خازن الرقم- أي مدير المكتبة.وقد جاء في بحث يتضمن وصفاً طريفاً لتلميذ في سنته الأولى، تحثه على الذهاب إلى بيت الرقيم- أي المكتبة، ويبدأ بالسؤال:(يا ابن بيت الرقيم، أين ذهبت في أيامك الأولى؟ ج- ذهبت إلى بيت الرقيم، قرأت رقيمي وأكلت طعامي، وأعددت رقيمي وكتبته وأكملته وعندما فتح بيت الرقيم ذهبت إلى البيت.. مجموع ما فيها 3500 سطر من الكتابة المسمارية فهذه الألواح المتعددة تمثل بداية صناعة الكتاب وكذلك الحال في المناشير والأساطين المصنوعة من الطين المفخور، وكانت بعض المناشير تتكون من ثمانية أوجه وبحجم مناسب لاستيعاب النص كاملاً وإذا عدنا إلى الملاحم والأساطير أو قصة الخليقة ولما كانت تتكون من عدة ألواح كانوا يكتبون أسفل كل لوح عبارة (لوح كذا.. من سلسلة كذا..) ويضيفون مصطلح السطر الأول من اللوح الثاني وهكذا).. وكانت حصيلة ما دونه العراقيون القدماء من النصوص المطولة أو القصيرة ما يمكن أن نطلق عليه الكتاب البدائي او الكتاب الأول فامتلأت خزائن كتب المدن العراقية القديمة مثل نينوى، بابل، آشور، نمرود، نفر، أور تل جرمل وغيرها بمئات الألوف من الرقم الطين التي تشكل أولى خزائن الكتب في العالم القديم ومنشأ الكتاب كان في العراق منذ اخترع العراقيون القدماء الكتابة المسمارية التي تطورت من مرحلة الكتابة الصورية إلى الكتابة الرمزية.قال أبو الطيب المتنبي:وأعزّ مكانٍ في الدنى سرج سابحوخير جليس في الزمان كتابالفريد سمعان:وأشار الشاعر الفريد سمعان الى أن القراءة هي الجسد الذي ينقلنا إلى المعرفة والمعلومات الفكرية المطلوبة فلولا القراءة لما استطعنا أن نطلع على ما كان موجوداً في العالم وما يجري الآن في كل المجالات.وأضاف: تتكون المعرفة لدى الإنسان من القراءة المتواصلة فاللغة هي الجسد الذي نعبر به نحو العلم ويفتح أمامنا الدرب لمعرفة ما يجري في العالم وفي كل الميادين العلمية والأدبية والثقافية ويرسم أمامنا صور الماضي التليد وما يقودنا إلى تطوير ثقافتنا وإحياء ذكرياتنا وفق ما تعلمناه خلال القراءة فهي شلال يصب في أذهاننا. وأكد سمعان على أن القراءة بالكتاب مسألة مهمة جداً ويبقى لها نكهة خاصة فالقراءة على الانترنت غير القراءة بالكتاب فأنت تستطيع مثلاً مراجعة المسألة بشكل دقيق على الكتاب وتشعر بعلاقة تشدك نحو المعلومة في حين ان الانترنت يعطي المعلومات الجيدة لكن يفتقد الى الحميمية بين القارئ والكتاب.ياسين طه حافظ: لماذا القراءة؟ الشاعر ياسين طه حافظ قال: منذ أن انتبه الإنسان، منذ رأى الغروب ورأى الموت، ابتدأ فيه وعي آخر جديد، وعي قاس، هو أن الحياة تغيب وان ما يراه الآن سيختفي واللحظة التي يعيش ستبارحه وتدخل في الظلام إلى الأبد.أراد الاحتفاظ بما يرى، بالحياة حوله والحياة التي هو فيها، ما الذي يستطيع؟ بدأ يثبت الشكل، يرسمه، ينقشه، يرويه، فما عاد كافياً تذكره، وكذا أراد المعنى أن يبقى والحقيقة التي لامسها أن تظل، أراد كل شيء يبقى، كل شيء