علي حسين مرة أخرى نشاهد حلقات جديدة من حرب داحس والغبراء، ونتابع جميعا المؤتمرات التي يعقدها المقربون من رئيس الوزراء تحت شعار واحد لا يتغير "العراق في خطر" حيث أعلنوا أنهم يؤمنون بالدستور وحكومة الشراكة الوطنية وإنهم يمدون أيديهم إلى الجميع.. المواطن المسكين وهو يستمع لهذه التصريحات الوردية يحاول أن يتأكد هل هو في حلم أم أن المتحدثين لم يكونوا أنفسهم الذين كانوا ينظرون إلى كل من يختلف معهم على انه كافر ولن يدخل الجنة.. أين كانت أيدي مقربي رئيس الوزراء آنذاك، هل للمصافحة أم لضرب الجميع على رؤوسهم.
بالتأكيد كل الذين شاركوا في معركة الأسابيع الماضية يدركون جيدا أن شيئاً ما سينفجر في وجوه الجميع، ليأخذ البلاد إلى حلقة جديدة في مسلسل الاشتباكات والمعارك السياسية، التي تبدأ ولا تنتهي إلا بعد أن يدفع الأبرياء أثمانها مضاعفة، ولعل المراقب للمشهد السياسي سيكتشف أننا دخلنا جميعا في المجهول، وان المسؤولين لا يملكون القدرة على ترجمة طموحات الناس بدولة مدنية عصرية ذات مؤسسات، قادرة على إدارة البلاد، اليوم لا شيء يلوح بالأفق إلا فرقعات إعلامية تملأ أوقات الفراغ بالصراخ والشتائم وتؤزم الوضع السياسي الذي هو متأزم أصلا، فبعد سلسلة من التصريحات عن حكومة الأغلبية وتسليم رئاسة الجمهورية إلى صالح المطلك كما بشرنا بيان صدر من إحدى الكتل السياسية، خرج علينا القيادي في دولة القانون النائب علي العلاق ليقول "إن ائتلافه يحتفظ بخطة بديلة في حال سحب الثقة من حكومة المالكي"، مشيرا إلى أنه "في الوقت الحاضر الشعب العراقي لا يطلب تغيير الحكومة بقدر ما يطلب منا انجازا"، إذن نحن أمام نظام سياسي جديد لا مكان لصوت معارض فيه مادامت الحكومة قادرة على إغراء الجميع بمنافعها ومناصبها، ولا ادري كيف فات السيد العلاق أن الأمم الحية تتحرك لتعديل أوضاعها، وتصحيح بعض الأخطاء في مسيرتها أو حتى التغيير الشامل من خلال قوى معارضة حقيقة وحية تستطيع حشد قطاعات كبيرة من أجل قضايا تهم المجتمع، لكن يبدو أن البعض من السياسيين لا يريد أن ينظر إلى المشهد إلا من خلال "مقصورة" الحكومة، حين يهتف الجميع بالنصر لرئيس الوزراء متجاهلين تماما أن عملية قتل متعمد للحياة السياسية في العراق تتم بشكل ممنهج.للأسف وسط كل هذا الخراب السياسي يستكثر فريق المقربين على الناس أن تكون لهم كلمة في أداء رئيس الوزراء فليس من حق احد أن يعترض لو الحياة السياسية أصيبت بالانقراض.العلاق وهو يلوح بالخطة البديلة إنما يحاول أن يضع ائتلافه وحيدا على قلب السياسة العراقية، ويسعى ومعه مجموعة المقربون لوضع القوانين التي لا تتيح للمنافسين حرية الحركة.لعل ما يجري هذه الأيام يكشف مجددا غياباً كاملاً لمفاهيم الديمقراطية وحرية الرأي على نحو مخيف، وللأسف لم يظهر من المقربين شخص واحد يقول انه لا يجوز أخلاقيا ولا سياسيا أن يجري التعامل مع الفرقاء السياسيين على هذا النحو، وأيضا لا يجوز أن تفتح كل الأبواب والنوافذ للذين يصفقون لإنجازات الحكومة ومشاريعها العملاقة.أعود للقضية الأم، هل ائتلاف دولة القانون يعتقد حقا أن العراق في خطر ولماذا لا يكون صريحا ويعلن أن حكومة السيد المالكي في خطر، وان أدائها خلال السنوات الماضية لم يخرج عن خانة التهريج السياسي.للأسف النائب علي العلاق وهو يهددنا بخطته البديلة إنما يريد منا جميعا أن نبقى أسرى سياسات يفرضها علينا البعض بسطوته ومعتقداته الخاصة بعيداً عن هموم الناس، في الوقت الذي كنا نتمنى أن ينشغل الساسة بآلاف القضايا المهمة والخطيرة، التي مازالت بعيدة عن الاهتمام.فات ائتلاف دولة القانون وهو يمد أياديه من جديد للجميع أن ينسى أن هذه اليد طالما لعبت في الخفاء في مصائر الجميع،وفاتهم ايضاً ان الديمقراطية لا تدار بمنطق التحالفات النفعية المؤقتة، ولا تعرف لغة المصالح الخاصة.. لان الديمقراطية فعل اخلاقي ومنظومة قيم استراتيجية، فمن كان يؤمن بها فعلاً فأهلا وسهلا به.. اما من يتظاهر بانه يرفع لواءها من اجل استثمار سياسي خاص، علينا ان نقول له بصوت واحد: اللعبة انتهت.
العمود الثامن:ايها السادة.. اللعبة انتهت
نشر في: 30 يونيو, 2012: 06:14 م