TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > كوميديا الحب الإلهي في دائرة النقد

كوميديا الحب الإلهي في دائرة النقد

نشر في: 30 يونيو, 2012: 06:22 م

لندن/ عدنان حسين أحمد استضاف المقهى الثقافي بلندن الروائي والصحفي العراقي لؤي عبد الإله في أمسية نقدية شارك بها الشاعر فاضل السلطاني والكاتب الإيراني أمير طاهري، كما استمع الحضور إلى شهادة نقدية مصورة بالفيديو لسعد هادي، فيما تعذّر سماع شهادة الناقد ياسين النصير لأن صوت التسجيل كان رديئاً جداً. استهل السلطاني قراءته النقدية بالقول إن رواية "كوميديا الحب الإلهي" للؤي عبد الإله ليست سهلة القراءة لأنها تتوفر على شخصيات مركبّة، وأحداث متشابكة، وأزمنة وأمكنة متداخلة
يحدث هذا التداخل ضمن الصفحة الواحدة. يعتقد السلطاني بأن البؤرة المركزية للرواية هي "التحقق"، وأن العنصر الفاعل في غالبية الأحداث هو "الذاكرة". فلا غرابة أن تهيمن الاستعادة الذهنية على مدار النص، خصوصاً وأن بعض الأبطال قد تعرض إلى السجن والتعذيب ومصادرة الحريات الخاصة. وقد سمّى أبطال الرواية بالشخصيات النموذجية التي تعكس مرحلة تاريخية معينة، كما يذهب المفكر والناقد الأدبي المجري جورج لوكاش الذي لا يعتقد بوجود مصائر فردية معزولة عن ظروفها الاجتماعية والاقتصادية، ولأن غالبية الشخصيات هي من نتاج تلك المرحلة المفجعة من تاريخ العراق بعد انقلاب 1968 فلا غرابة أن تكون الشخصيات مُخرّبة ومشوّهة وممسوخة، علماً أن بعضها قد تعرض للسجن والاغتصاب والتعذيب الوحشي. ثم يعزز السلطاني هذا التوصيف باستعارة فكرة كفافي التي يقول فيها: "إذا خرّبت حياتك هنا، في هذا الركن الصغير، فهي خراب أينما حللت". فهذا الخراب سوف يلاحق الشخصيات أينما حلّت أو ارتحلت. يعتقد السلطاني أن كل الشخصيات محكومة بالماضي باستثناء "عبدل" فهو المحكوم بالمستقبل، ذلك لأن هاجس المال قد هيمن عليه وأصبح هدفه الرئيسي الذي يسعى لتحقيقه. وقاربَ بينه وبين الروائي البريطاني د. ه. لورنس الذي يرى "أن الإنسان ممكن أن يحقق أهدافه عبر ثلاثة أشياء وهي الفن والحب والجنس". فما الضير في أن يحقق "عبدل" عبر ذاته عبر المال حتى لو اضطر لبيع دُماه وكِليته. استعار السلطاني من سارتر فكرة "الاستمتاع بالحقارة" التي تشبه فكرة الجلاد الذي يتمتع بالإساءة إلى ضحاياه كلما أوغل في التعذيب. وقد اشتركت "حياة" مع "عبدل" في فكرة "الاستمتاع بالحقارة" حينما حاولت أن تحقق ذاتها من خلال الحب، لكنها اكتشفت أنها معطلة روحياً، ولا تستطيع أن تمنح حبيبها صالح شيئاً، لذلك بدأت تستمتع بالسقوط. يخلص السلطاني إلى القول بأن هذه الرواية تعاني من غياب الحب، فلا أحد يحب أحداً، وحتى شهرزاد التي أقامت علاقة مع صالح اكتشفت في لحظة ما أنها غريبة ومعزولة في صدفة عالها الخاص. ولم تستطع هي الأخرى أن تحقق ذاتها لأنها مُخرّبة ومعطوبة مثل بقية الشخصيات التي عاشت في ظل الحقبة الاستبدادية السوداء.يعتقد الكاتب الإيراني أمير طاهري من جهته أن "كوميديا الحب الإلهي" هي ليست رواية تقليدية في شكلها الفني، وبنائها المعماري، ولغتها السردية. توقف طاهري عند الريبورتاج الجميل الذي كتبه لؤي عبد الإله بعد سقوط صدام حسين مباشرة، وقد وصفه بأنه ريبورتاج ممتاز لسرعة انجازه من جهة، ولدقته، وخلّوه من الزوائد من جهة أخرى، كما أنه يذهب إلى الصميم مباشرة من دون لفّ ودوران. لكن طاهري ذُهل حينما سمع من لؤي بأنه منهمك في كتابة نص روائي، فالصحفي من وجهة نظر طاهري يجب أن لا يكون روائياً. توقف طاهري عند ثيمة الرواية وقال إنها تتمحور حول المنفى، ولكنها تتناول موضوعات أخرى كثيرة مثل الحياة، والحب، والقسوة، والصداقة، والخيانة، وانعدام الثقة بالنفس، وصراع الحضارات وما إلى ذلك. أشار طاهري إلى أن هذ الرواية إلى لا تنتمي إلى تيار الواقعية الاجتماعية، وأنه لا يختلف مع لوكاش الذي يقول بأن الرواية يجب أن تكون واقعية، فهذه الرواية تذوّب الواقع وتذوب فيه. أشاد طاهري بقدرة لؤي على خلق الشخصيات الأنثوية بخلاف العديد من الروائيين العرب الذين لم ينحجوا في خلق هذا النمط من الشخصيات التي تحتاج إلى خبرات خاصة ودقيقة. وفي ما يتعلق بالأسلوب قال إن لغة لؤي عبد الإله تخلو من المحسِّنات البديعية والتزويق اللفظي الذي لا يضيف شيئاً للنص الإبداعي. وأثنى طاهري في ختام مداخلته النقدية على توظيف لؤي للفتوحات المكية في نصه الروائي، وترك أمر الحديث في ممكنات الأعيان للروائي نفسه لأنه يتوافر على باع طويل في هذا المضمار. لا أريد أن أتوقف عند شهادتي ياسين النصير وسعد هادي لأنهما منشورتان في أكثر من موقع إليكتروني، ولكنني أود التوقف عند بعض المحاور المهمة في الأمسية. فلؤي عبد الإله يرى أن هدف الرواية هو الإمتاع الأمر الذي أثار العديد من الأسئلة في هذا الصدد، لأن هدف الرواية يمكن أن يكون استفزاز القارئ أو محاولة لتغيير قناعاته، أو تزويده ببعض المعلومات وما إلى ذلك. تدخَّل السلطاني حينما تناهى إلى سمعه توصيف "البطل الإيجابي" لأن معظم الشخصيات تبدو سلبية من وجهة نظر بعض القرّاء فقال:" لا توجد شخصية إيجابية بالرواية، لأن السلب والإيجاب هو حكم أخلاقي، وليس حكماً جمالياً أو فنياً يأتي غالباً من خارج النص. استشهد السلطاني بالشاعر البريطاني فيليب لاركن الذي يُعاب عليه أنه يكتب قصائد متشائمة، وهو يرى، أي السلطاني، أنّ القصيدة الأكثر تشاؤماً هي القصيدة الأكثر تفاؤلاً في

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram