TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :الدكتاتورية والكره

سلاما ياعراق :الدكتاتورية والكره

نشر في: 30 يونيو, 2012: 08:14 م

 هاشم العقابي لا أخفي أن ما كتبته في عمود الأمس عن "الدكتاتورية والحسد" كان مقدمة كي أتناول اليوم الكره وعلاقته بالدكتاتورية. البعض حصر الخراب الذي حل بالعراق والعراقيين، في زمن صدام، بالمقابر الجماعية وحروبه الرعناء وما  خلفته من تدمير مادي عم  البلاد والعباد، لكن هناك دمارا آخر لحق طريقة تفكير الكثير من العراقيين حتى صاروا، في اللا شعور، يحبون ما يحبه صدام ويكرهون ما يكرهه رغم أن الكثير منهم قد مسته نار شره بشكل مباشر.
من الطبيعي أن يعمد صدام، كأي دكتاتور، الى غرس روح الكراهية بنفوس الشعب تجاه من ينوي غزوهم، كما حدث مع الكويت، أو ضد أي فئة او طائفة ينوي قمعها او إبادتها، كما حدث مع الشيعة والكرد. لكن من غير الطبيعي ان يخلف بعده جيلا ترسخت عنده عقدة الكراهية. ومما يؤلم حقا، هو أن الذين جاءوا من بعده لم يسعوا لتخليص الشعب منها، بل مارسوها بأنفسهم  وعمقوها عند الناس أكثر. الكره قوة تدميرية. فاذا تحول الى قيمة اجتماعية مرغوبة لدى اي شعب فلا بد أن يأتي يوم تجده لا يميز فيه بين ما يضره أو ينفعه. ونحن العراقيين، كشعب، لسنا سفينة على سطح حتى نستثنى من هذا القدر المحتوم.حضرت لقاء ثقافيا جرت على هامشه جلسة ضمت مسؤولا عراقيا من "المقربين" للسيد المالكي وشخصا آخر يقال انه ينوي إنشاء مؤسسة إعلامية "عملاقة" تشمل فضائية واذاعة وجريدة، بعد ان حصل على تمويل "محترم" من إحدى "الجهات". وفجأة رفع "المقرب" صوته ليبشر احد الجالسين: "أبشرك ان فلان (صاحب المشروع) قد غير رأيه بالمالكي وأصبح اليوم من أشد انصاره". شعجب؟ رد "المقرب" و "ابو المشروع" بالتزامن: السبب زيارة المالكي لكركوك، لقد "كسر خشم الـ......"!! يا إلهي.إننا إذن أمة فيها حتى من يدعي الثقافة يريد حاكما يكسر انف شعبه. ياله من حنين مرعب لعودة الدكتاتور. التفت صوب "المقرب" وقلت له: "كان الاولى بكما اذن ان تحبا صدام وتترحما على روحه كل صباح ومساء لانه لم يزر كركوك، فقط، بل غير اسمها وهجر اهلها وشقلب تركيبة سكانها. ثم ان كانت المسألة هي" كسر خشم الــ..."، كما يقول صاحبك، فلعمري لقد فعل بهم صدام ما لم يفعله قبله احد بشعب، من الكيماوي الى الانفال .. الى .. الى..".استنكرا استغرابي وصارا يفخران بارتفاع شعبية المالكي بعد خطوته "العظيمة". ثم اخذا يتكلمان بكلام  لم أفهم منه شيئا، بيد اني شممت منه رائحة كره ملأت الجو قرفا. سألتهما: ان كنتما تكرهانهم بهذه الدرجة فعلام لا تطالبون المالكي بتسهيل عملية انفصالهم حتى لا عين تشوف ولا قلب يحترق؟ وجاء الرد يحمل السر الدفين من احد الجالسين: يا أخي، على أي أساس الاقليم يلعب بيها لعب، بناء مولات ومطارات و .. و .. والعراق جاي يتدمر؟ سالته: ومن دمره؟ اجابني: لا تسوي نفسك متعرف، ليش اكو غيرهم؟بلى اكو". واولهم الذين لا يمكن أن يصير برأس العراق خير، الا اذا طهروا أعماقهم "بالديتول" من سموم الكراهية وعقموا أنفاسهم به من رائحتها المقرفة. إن بلداً مثل العراق متعدد الأديان والمذاهب والقوميات لا يحييه إلا الحب ولا تدمره غير الكراهية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram