وائل نعمة من قال إن زمن المعجزات قد انتهى؟ في العراق، ما زالت المعجزات تحصل، وتغير الأوضاع وتبدلها يحدث بين ليلة وضحاها. حلمنا كثيرا ونحن أطفال بالمصباح والخاتم السحري الذي يخرج منه المارد بكلمته الشهيرة بمصاحبة الدخان الذي يلفه "شبيك ...لبيك عبدك وبين ايديك "، وأسرت هذه المعجزة تفكير الكثيرين حتى الكبار الذي فقدوا مع تقادم العمر الأمل في تبدل الأوضاع ولم يبق أمامهم غير تمني حدوث معجزة أو يجدون في طريقهم بأحد الأيام حقيبة مليئة بالدولارات فتحل لهم كل مشاكلهم العالقة منذ سنوات دون أن تتحرك خطوة واحدة باتجاه الانفراج.
المعجزات حقيقة في العراق، رجل سكن مؤخرا في إحدى المناطق في شرقي العاصمة، لديه "جوقة " من الأطفال وكل يوم يكتشف الجيران وجه طفل جديد في ذلك البيت الذي لا تتعدى مساحته الخمسين مترا. هذا الساكن الجديد خرب المنزل والشارع ، حفر الطريق الذي أمامه ليمد أنبوب ماء كما شاء، والمياه تتسرب كل يوم من البيت إلى الشارع لترسم على الإسفلت لوحات تشكيلة من الحفر و"النقر"، وصعد فوق أعمدة الكهرباء لـ"يجطل" على الكهرباء الوطنية من دون أدنى خجل من السكان القدامى في المنطقة الذين لم يقدموا مرة على هذه الخطوة .بدايات المعجزة، انه حصل على كهرباء وماء ومنفذ للمجاري من دون ان يستخدم عامل الكهرباء أو الماء أو المجاري، ودون أن يكلف نفسه دفع الرسوم الحكومية، إلا أن المشكلة ظلت في إيجار المنزل، فمنذ أن سكن قبل أكثر من سنة وهو يرفض أن يعطي صاحب الدار بدل الإيجار ، بحجة انه لا يملك المال ، وعلى الرغم من أن صاحب البيت رجل يجيد اللعب في الأمور القانونية ويعرف جيدا كيف يخرج المستأجر إلا أن ألاعيبه وقفت عاجزة أمام عدم مبالاة ووقاحة ذلك الرجل الذي قلب شكل المنطقة رأسا على عقب.اغرب المعجزات حدثت في إحدى الليالي حينما دب ضجيج أيقظ الجميع ، كانت أصوات شجار تصدر عن بيت ذلك الرجل الجديد على المنطقة ، لم يرغب الجيران في التدخل او تكبد عناء الخروج إلى الشارع لرؤية ما يحدث ، تجنباً للاحتكاك مع ذلك الجيران المزعج . والشجار الذي حدث بينه وبين احد جيرانه الملاصق لداره والذي يحتمل كل مصائبه ومشاكله اليومية قد هيأ له فرصة ذهبية بل معجزة بكل المقاييس. إصر الرجل على أن يقيم مجلسا عشائريا على اثر الشجار ويطالب جاره برد الاعتبار على الرغم من الاعتداء عليه كما قال معظم الجيران الذين لسوء الحظ رفضوا الشهادة مع الجار المظلوم وفضلوا السكوت لصالح الرجل المزعج.قطع الطريق بـ"جادر" كبير وجمع الأقارب وأفراد العشيرة ومنع دخول السيارات في الشارع وطالب بعشرين مليونا لرد اعتبار كرامته التي خدشت ، ووصل المبلغ أخيرا إلى العشرة مع شرط أن يترك الجار المسكين منزله على الفور، وإلا يقوم هو بنقل أغراضه فهو لا يسمح بان يراه في المنطقة وبسبب أن الأخير ليس لديه "عشيرة قوية " نفذ الأمر.الأحكام العشائرية التي حصل عليها قلبت حياة الرجل الغريب على المنطقة رأسا على عقب ، دفع إيجاره المتأخر وصلح سيارته العاطلة والتي لم تتحرك منذ أن وصل المنطقة ، وارتدى أطفاله العراة في معظم الأوقات ملابس جديدة!
من داخل العراق:شبيك.. لبيك
نشر في: 30 يونيو, 2012: 08:15 م