اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > في الكتابـة النسـويـة..عن الشعر والنسوية المحاصَرَة

في الكتابـة النسـويـة..عن الشعر والنسوية المحاصَرَة

نشر في: 30 يونيو, 2012: 08:20 م

(1-2) ياسين طه حافظ أن تكتب شعراً يعني أولاً أن تعرف حقيقة الشعر. والشعر يُقيم حيث القصيدةُ بعدُ لم تُكتْب. لنصل إليه. نتّصِلُ بما يغيّرنا، بما يمنحنا صِلًةً بما نرى، أو بما افتقدنا أو يكون هو حاجتنا. في كل حال، نحن لا نصله إذا لم نتغيّر.
وهنا نحتاج إلى لغةٍ. لغتنا الاعتيادية غير مؤتمنة تماماً على الشعر إذا لم نتدخل في إعادة صياغتها. ليست لها قدرة على الوصول ولا على الإيصال. فكيف إذن نصل إلى حيث يُقيم الشعر؟ نصل بان نمكنّ اللغة الاعتيادية من الإيغال، او من التماس بالشعر. وهذا دور المهارة الشعرية. هذا يتطلب صناعياً ماهراً، بدراية وعمل متواصل يعيد الأشياء إلى فجرها الأول لتبدأ معه من جديد حواراتُ أرواحنا.قال مالارميه: " دَعِ المبادرة للكلمات .."الكلمات التي نترك لها المبادرة هي تلك التي ما تزال تتمتع بعوالمها  البكر وبقوة الكشف الأبعد. وهذه أما كلمات أعدنا إيقاظها أو تلك البريئة البكر. بإيجاز نحن نستعين باللغة التي أعدنا صناعتها، أي لغتنا اليومية التي أعدنا صياغة أنساقها وتراكيبها ووصلناها بخيط ضوئي يكشف الرؤيا.وهنا نصل إلى لغة الديوان الذي بين أيدينا. وضمن العالم اليومي لصاحبة الديوان. فهي أستاذة أدب وتحترم الأكاديمية سلوكاً وكتابة. وهي في مدينة محافظة مقنّنة وتحت سلطان عُرْفٍ صارم. وهي نبيلة محتد شرط هيبتها ان "تحافظ" على الامتيازات الأخلاقية للعائلة والمزايا التي تتوارثها السلالة "آداباً" و "لياقات". ومن هذه، المبادئ القومية والدينية و الاعتزاز بالوطني – المحلي. وهذه طبعاً تحتّم عليها، وهي أستاذة أدب، احترام قواعد اللغة وأصول بلاغتها.إذن لا مغامرة شعرية! لا مغامرة في اللغة! لا مغامرة في السلوك الاجتماعي. أي لا اختراق للحاجز الاجتماعي أعرافاً او معتقدات، ولا اختراق للمحافظة او "الرسمية" الأدبية. فكيف يتقدم الشعر ويقدّم جديداً؟لقد عملتْ بحكمةِ معلمِ شعر. أن يتحرك الفكر بحذر والروح بحذر وألاّ تشتبك بالتقاليد أو بـ "الرسمية" وهي تشق طريقها للكشف والبوح. شعراء أوربيون كثر وبخاصة من الأكاديميين أو ممن هم من الطبقات العليا المحافظة فعلوا مثل ذلك، ولكل مستواه. فهم يكتبون نصاً بلغة يومية سليمة لينتهي المقطع او تمام النص بسطرٍ يحقق قفزة Jump تنقل النص من الاعتيادي إلى الأعلى، فتسبغ هذه القفزة على كل السطور قبلها روح الشعر.شاعرتنا تقول كما تشعر، وكما تريد في تلك اللحظة أن تقدم من تفاصيل، تماماً كما في التعليم، كما في الشرح. لكنها تختزل وتضيء وهي تواصل اللحاق بالمعنى. بعد ذلك تترك القصيدة بصورها المتباعدة وإشاراتها القديمة الجديدة. وعلى المتلقي أن يفهم أو يرى.قال مرة "ديلان ثوماس" عن شعره: "استطيع ان أعطيك فكرة أولى غير منقحة  Rough عن شعري، لان الفكرة صنعتها صور والصور ما تقوله هي لا ما وُضِعَت، من أجله ..."وهذا ما أردتُ أن أقول، فهي تركت القصائد متباعدة الصور والأزمنة والإشارات محكومة كلها بوضعٍ رصدَتْه. وعلينا أن نتلقى أو نَستجيب لما يحرضنا أو يهمنا.النزوع الحداثوي لدى الشعراء الجدد عموماً يتجه إلى التركيز الشديد والتحكّم بالرمز. فما زلنا إذن بالنسبة لهذا الديوان في إطار، أو تحت سلطان العرف و "التقليد" وما فارقتنا "الأكاديمية" ، كيف إذن أدارت الشاعرة عملها وعبرَتْ هذا الأشكال؟ مما توسلت به لذلك هو أنها حولت البعيد اللامرئي إلى صوت خافت يَشي بما جرى: غرناطة، هولاكو، فلسطين، دجلة المصبوغ بالحبر ... الخ.هذا الامتداد اتضح فيه صوت خاص نغمته هادئة يكشف في حركته العوالم الآنية التي حوله .. يقول هيدغر "إن جوهر الصورة هو أن يجعلنا نرى شيئا ما". وهي أعطتنا صوراً كشفت فضاء العيش والمواجهات في المدينة التي وصفناها. ساعية لأن يتمكن الشعر من الاحتفاء بجماله، على الرغم من وجعه، في ذلك الفضاء أليست هذه مهمة الشعر الأخلاقية؟ أليست الروحانية الجمالية مطلباً في يباب عيشنا وتعبنا اليومي؟ما حاولته "بشرى" في قصائدها الأليفة، هو ان تأتي بالغرابة من المألوف وباللامرئي من المرئيات البسيطة وبالشعر من خشونة الحرب والعدوان ودمار الناس والقيم. إذن هي تغير المعادلة:تخفي الحضور في اللامرئي وتعيد اللامرئي إلى الحضور وتستمر بهما القصيدة. وهنا تكون قد مارست دورها "الأكاديمي" من ناحية ودورها الروحاني في ان تجعل اللامقدّس يتطهر في الأضواء الشعرية التي تتسلل عبر ممنوعاتها بعسر.لكن، ما لم أجده مقنعاً هو تبسيط الأمور ذات الصلة بالأحداث السياسية وأنظمة الحكم، والإسراف العاطفي الشعري، غير العقلاني، ففي هذه الأمور خفيت الأسرار وظلت الظواهر المؤسية، أو هذا التبسيط الفكري، او تصوير الظاهر في أحسن حال توزّع على مساحة كبيرة من الديوان حتى هدد الشعر بالانطفاء، لولا نسمات تحيي الشعلة وتوقدها بين حين وحين...هي قصائد بريئة بسيطة وقصائد ذات طهارة رعوية لأستاذ أدب حكيم يرى عدوانا وأخطاء، وليس له غير مشاعره.هل هذا مأخذ حداثوي؟ قد يكون. لكنه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram