اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العُقد النفسية في الشخصية العراقية

العُقد النفسية في الشخصية العراقية

نشر في: 30 يونيو, 2012: 08:24 م

 أ.د.قاسم حسين صالح / رئيس الجمعية النفسية العراقية نقصد بالعقد النفسية هنا،حالة عصابية من خصائصها :شعور صاحبها ،بالقلق والخوف من الآخر،والضعف أو العجز، وسوء التوافق مع نفسه ومع الآخرين،واللاواقعية في تقييم الأمور ،وصعوبة إيجاد حلول عقلانية لمشكلاته،والميل إلى الاستمرار على هذا السلوك برغم  إدراكه أنه يتعبه. 
وهنالك رأيان في سبب أو مصدر هذه العقد ،الأول يرى أنها بيولوجية يرثها الأبناء عن الآباء،والثاني يرى أنها مكتسبة من أساليب التنشئة الأسرية ومن طبيعة الناس والأحداث التي يعيشها.غير أن هنالك نظرية حديثة نسبيا في الشخصية تسمى النظرية التطورية   Evolutionary   ترى أن المورّثات " الجينات" السلوكية تخضع لقانون الانتخاب الطبيعي فتعمل – عبر التاريخ التطوري للإنسان -على تقوية مورّثات "جينات" سلوكية معينة وإضعاف مورّثات أخرى (مقارب لقانون دارون :البقاء للأصلح). وهذا يعني أن الأحداث التي عاشها الإنسان عبر تاريخه التطوري تدخلت في عمل المورّثات "الجينات "  بثلاث صيغ : تقوية مورّثات معينة ، وإضعاف أخرى ، ودثر أخرى .   وتأسيساً على ذلك فإننا – أبناء هذا الجيل من العراقيين – لسنا فقط نتاج تكويننا البيولوجي الخالص،إنما أيضا نتاج ما صنعته الأحداث من تأثير في مورّثات " جينات " أسلافنا العراقيين . ولك أن تقول : إن " جيناتنا "الحالية مشفّرة أو مسجّل عليها الأحداث التي عاشها أجدادنا ، وأننا نقرأ عناوين هذه الأحداث ونرى صورا منها عبر سلوكنا وتصرفاتنا.  ولكي  لا يساء الفهم أو يستنتج من قولي هذا أنني أميل إلى تغليب العوامل البيولوجية في تكوين الشخصية  ، فأنني أعدّ الموروث الثقافي من أهم عوامل تكوين الشخصية .وأعني بالثقافة : القيم  بأنواعها الستة "السياسية،الاقتصادية،الاجتماعية،النظرية،الدينية،والجمالية"،والاتجاهات والمعتقدات والمعايير والفنون والآداب والعلوم ..وكل ما ينتجه المجتمع وينتقل عبر أجياله . وأزعم أن الثقافة - بالمفهوم أعلاه – تعمل على تكوين " مركز سيطرة" داخل الفرد يقوم بتوجيه سلوكه نحو أهداف محددة ، وأن الاختلاف بين الأفراد ، في سلوكهم وتعاملهم مع الناس والأحداث ، يعود في واحد من أهم أسبابه إلى مركز السيطرة الثقافي هذا . هنالك سبع عقد نفسية في الشخصية العراقية..لنبدأ بأخطرها،التي تعدّ أحد أسباب أزماتنا السياسية..هي العناد العصابيالعناد العصابيكان لديّ شك يتاخم اليقين أن الشخصية العراقية أكثر ميلا إلى الخلاف مع الآخر منه إلى الاتفاق. وتحول هذا الشك إلى يقين بعد أحداث السنوات التي تلت عام 2003 ، فرحت أبحث عن أسبابه فوجدت أن هذه الصفة ليست من صنع حاضر قريب أو بعيد ، إنما تعود إلى تاريخ يمتد آلاف السنين ، وأنها ليست ناجمة عن سبب بعينه ( القول إن العراقيين جبلوا على هذه الصورة مثلا ) إنما عن شبكة معقدة من الأسباب تفاعلت في ما بينها فأنتجت الشخصية العراقية بهذه الصورة .     ويبدو لي، في الأقل ،أن العناد العصابي في الشخصية العراقية،أو عقدة الخلاف مع الآخر يعود إلى أن العراق ينفرد عن بلدان المنطقة بأمور وأحداث لها تاريخ يمتد آلاف السنين يتمثل أهمها بالآتي :إنه البلد الذي تؤخذ فيه السلطة بالقوة المصحوبة بالبطش بمن كانت بيده .وأنه البلد الذي سفكت على أرضه أغزر دماء المحاربين من العراقيين والعرب والأجانب، لاسيما : المغول والأتراك والفرس والإنجليز...وأخيرا ، الأمريكان .وأنه البلد الذي نشأت فيه حضارات متنوعة ومتعاقبة ، انهارت أو أسقطت بفعل صراع داخلي أو غزو أجنبي . وأنه البلد الذي تنوعت فيه الأعراق والأديان والمذاهب ، في مساحة مسكونة صغيرة نسبياً.وأنه البلد الذي كان مركز الشرق الإسلامي حتى الهند والسند ، وحيث عاصمته كانت مدينة الخلافة الإسلامية .2 . عقدة البارانويا .   تعني البارانويا : أسلوبا مضطربا من التفكير يسيطر عليه نوع غير منطقي " أو غير عقلاني " من الشك وعدم الثقة بالناس ، ونزعة دائمة نحو تفسير أفعال الآخرين على أنها تآمر أو تهديد مقصود أو مهين .  وقد نجمت هذه العقدة عن تواتر الاستيلاء على السلطة في العراق بالثورات والانقلابات الدموية والانتقامية ، فأصيب بها كل من أخذ السلطة ،وسيطرت على أغلبهم حالة هوسية من التآمر عليهم والشك بالآخر حتى لو كان بريئا.  وبالمقابل ، تولّد لدى الناس اقتران شرطي بين السلطة والظلم ، ناجم عن  تكرار السلطات المتعاقبة لممارسة الظلم على الناس .  ومن هذه العلّة النفسية تحديدا (عقدة اليأس من مجيء سلطة عادلة ) نشأت فكرة " المخلّص المنتظر " الذي سيأتي ويملأ الأرض عدلا ، والتي يؤمن بها معظم العراقيين بغض النظر عن العرق والدين والمذهب والمستوى الثقافي سواء كان أميّاً أم حامل الدكتوراه .  3. عقدة الاستهداف .إن تكرار غزو العراق من قوى أجنبية ( لخيراته وموقعه الاستراتيجي ) ولّد لدى الفرد العراقي حالتين

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram