كاظم الواسطي إلى / قاسم الساعديما الذي تبقّى لنا من محطاتِ رفقةٍ بعيدة وتذكاراتِ حلمٍ دافقٍ في فضاء الطفولة؟الشناشيلُ ، والشرفاتُ ، والجدرانُ المقشّرة بالتآكلِ
تهطلُ نثاراً في شارع الرشيد . "سينما الزوراء" محاصرةٌ بباعةِ الخردة المنتشريننملاً أبيضَ على الأرصفة، وفي الأزقةِ الضيّقة يعرضون بضائعَلا أحدَ سواهم يعرفُ من أين/ وكيف بهذا الشكلِ أتــــــــــَـتْ . و"البرازيلية " اختفت برائحةٍ استوطنت حوّاسَ شمّنا من خلفَ واجهة الزجاج، دون أن تتركَ أثرا في المكان .هل جاءت يوما من البرازيل بالتهرّيب، وعادت إلى هناك خشّيةَ تدقيق الأسماءِ ومعاقبة الغرباء؟"دار الكتب القديمة" غائبة ٌ في زحمةِ شارعٍ يشيخُ سريعاً ,وفي عيونِ صانعٍ للملامحِ تصدّع َ لوّنُ حاسّتهِ بمشهد الزوال . عبر رواق المرضى الطويل، تراءت لنا طفلةُ ثوبِ الأولادِ "المُقلّم" جالسةً قربَ شيخٍ يحتضر بشالِ عجائزَ أسود، لا يُليقُ بروح الطفولةِ الغاربة.وبوجهٍ مخطوف اللوّنِ تبعثّر الحسَّ في ثنايا زمــنٍكادت من ضجرٍ أن تنساه.أنقاضُ التاريخِ، هنا، ترسمُ وجهَ الحاضرِ بالإمحاء، وثمّةّ بقايا من زلزال، حدثَ ذاتَ غيبوبةٍ في الحياة،رسمَ في كلّ زاويةٍ أخاديدَ شكّلٍ منقرض.لماذا؟.. متى؟ .. كيف؟.. يا الهي.. هذا غيرُ معقول! اللامعقولُ هنا – يا صديقي – سيّدٌ لأمكنةٍ تندثر على مرأى من العقل ،وكابوسٌ يشكّلُ الكائناتِ على مقايسةِ شبحٍ في الهواء ممنوعٌ ترتيبُ مصائرنا القادمة بغيرٍ ســـــــــــــواه .هكذا بغدادُ دائماً ، مدينة ٌ للتناقضِ ،تُكيفُ العابرَ في الدربِ لضحكةٍ صاخبة، وتجعلُ الحزنَ عاصفاً في شغفِ القلبِ .ونحن انتشينا كثيرا على ضفةِ النهرِ ، ونسينا الغبارَ يُغطّي الظهيرةَلمرأى عاشقين أضاءا ، بوهجِ اللقاء ، حجابَ الشمس ولرجل الكشكِ ، بظهرٍ منحني ، يكسّرُ قالب الثلج في حاوية المشروبات الحلال قريبا من عشّاق العشب المبلّلِ بماء النافورات .وأنتَ.. ماذا تتذكر الآن في المنخفض البارد؟ نثارَ الشارعِ القديم بنملهِ الأبيضَ في زوايا الأنقاض ضفةَ النهر الجذلى بتهريب العشقِ في دروبٍ مغبّرة،أم مرأةَ الرواق أخفت ثوبَ الطفولةِ المقلّمَ تحت سرير الاحتضار.ربما، سيكون لفرشاتكَ بعضٌ من جواب
ذات يوم مغبرّ في بغداد
نشر في: 1 يوليو, 2012: 06:49 م