بغداد/المدىالقسم الأول                       من النادر جدا أن تجد إنجليزيا لم يسمع بأجيال سابقة مرت على هذه المدينة وتركت بصمتها في عالم الجريمة، لأن ما يرتكبه منفذوها من أعمال تكون ذات أثر كبير على حياة الناس، لكن مع ذلك فإن معرفة الرجل الإنجليزي العادي بشأن العالم السفلي في لندن لا تمتد عميقًا، ولا يعرف عن دهاليزها شيئ
بل تقف معرفته تقريبا عند بعض الشخصيات مثل "كري تونز" (التوأم الإجرامي الذي اشتهر في الطرف الشرقي من لندن وتسيدا عالم الجريمة المنظمة) ، وكذلك عصابات المخدرات الحديثة. وما قبل ذلك فليس هناك سوى حكايات غامضة فقط حول جاك السفاح وهو اسم أطلق على قاتل ظهر في لندن في عام 1888، وقتل عددا من المومسات وقطع أجزاءً من أجسادهن. ورغم وجود العديد من النظريات بشأن شخصية جاك السفاح إلا أن الحقيقة لم تعرف بعد حتى وقتنا هذا. أما بالنسبة للشخصيات الأخرى فقد تم التعرف عليها من خلال أعمال روائية لأسماء معروفة في تاريخ الأدب الإنجليزي استندت إلى شخصيات حقيقية كانت موجودة وتعمل وتنفذ جرائمها في المجتمع الإنجليزي.. على سبيل المثال نعرف، عن اللصوص الأطفال الفيكتوريين، وكذلك البضائع المسروقة التي كانت تصل إلى "فاجن" رئيس العصابة الذي كان يستغل الأطفال في النشل في رواية "أوليفر تويست" لمؤلفها الشهير تشارلز ديكنز  نحن ندرك قسوة العصابات في القرن التاسع عشر بفضل بروفيسور جيمس موريارتي هو عدو المحقق شرلوك هولمز الرئيس في المغامرات التي كتبها سير آرثر كونان دويل موريارتي ونعلم دهاء وشهامة اللصوص بسبب رافلز تلك الشخصية التي قدمها الكاتب البريطاني ئي دبليو هورنونج صاحب سلسلة الروايات التي سميت باسمه (رافلز) . وهناك الحياة الحقيقية لبعض الأوغاد كانت معروفة جدا، مثل المخنث  أليستر كرولي  الذي كان يتعاطى المخدرات والذي أسس مجتمعا غامضا ،ووصف في العشرينيات بأنه الرجل الأخبث في العالم". وكان مصدر إلهام لمجموعة عبدة الشيطان. وإضافة إلى هؤلاء يقف لص إدنبرة ديكون برودي ، الذي يوصف بأنه رجل محترم في النهار ومجرم قذر في الليل ، وهو الرجل الذي أستند الى قصته روبرت لويس ستيفنسون في دكتور جيكل والسيد هايد. وهنا نقدم بعض الرجال ممن هم أقل شهرة ويقفون وراء أسماء روائية مألوفة . أمير الأسوار كان أيكي سولومون لا يزال حيا عندما كتب تشارلز ديكنز أوليفر تويست في عام 1837 ، كان سولومون لصا محنكا يعرف باسم "أمير الأسوار". وكان يتعاطى بكل المهن فهو قواد، ومرابٍ ، ومحتال ، ولص ، وكان من الأثرياء جدا الذين يمارسون شراء البضائع المسروقة. وكانت زوجته وأطفاله جزءا من منظمته الإجرامية ، وكان عمله يتمحور في "إيست إند" في لندن وخاصة بيتكوت لين . وفي عام 1825 ألقي القبض عليه لدوره في عملية سطو على 200 مليون جنيه إسترليني من مستودع في مدينة لندن . وقد هرب من السجن من خلال القفز من العربة التي كانت تقله إلى سجن نوغت في حين أن عائلته كانت تحاول الانتقال إلى أستراليا. وظل سولومون هاربا، وزوجته وأطفاله في عداد المفقودين بالنسبة إليه ، وقرر أن ينضم إليهم في الخارج. وأصبح شخصية مرموقة في المستعمرة ولكن في النهاية قبضت عليه السلطات وأعادته إلى إنكلترا للمحاكمة بتهمة تلقي بضائع مسروقة. وقد وجد مذنبا وحكم عليه في عام 1831. ومن المفارقات أنه أبعد لمدة 14 عاما، وعندما عاد إلى أستراليا وجد أن زوجته قد هربت مع رجل آخر. ولم يعد إلى إنكلترا أبدا. وعندما توفي وجد في جيبه 70 جنيها إسترلينيا فقط ،وهي جزء من ثروته السابقة. إن شرير ديكنز المدعو"فاجن" يشترك عرقيا مع سولومون ، وكلاهما كان يتقبل التعاطي مع البضائع المسروقة. وكان مكانهما المفضل واحدا بالنسبة إليهما، وإن كان باختلافات بسيطة، لذلك كانا على حد سواء مرتبطين حتى يومنا هذا بشخصية ديكنز. شرلوك هولمز ومورياتي هناك العديد من دائرة أصدقاء السير آرثر كونان دويل الواسعة يمكن أن يدّعوا أنهم مصدر إلهام لبروفيسور جيمس موريارتي الذي هو العدو اللدود للمحقق شرلوك هولمز ، والقلب المظلم للجريمة في لندن، ويعتبر النقاد موريارتي نموذجا مبكرا للشرير الخارق القادر على فعل أشياء لا يمكن تصورها. إن موريارتي عقلٌ إجرامي خارق يصفه هولمز بأنه: "نابليون الجريمة" وهو تعبير سيستعيره الشاعر الأديب الأمريكي المعروف ت. س. إليوت في ما بعد ليصف به "مكفيتي" القط الخارق في كتابه: كتاب الجرذ العجوز عن القطط العملية. ويُعتقد أن كونان دويل نفسه استعار التعبير من أحد محققي سكوتلانديارد في وصف المجرم آدم وورث الذي كان النموذج الأساسي لموريارتي. لقد شهد أول ظهورٍ لبروفيسور موريارتي نهايته كذلك، وكان ذلك في قصة "المشكلة الأخيرة" التي يهرب فيها هولمز منه إلى أوروبا بعد أن كان على وشك اكتشاف حلقته الإجرامية. ويتبعه موريارتي، ويسقط الاثنان في شلالات ريخنباخ بعد مواجهة نهائية خطيرة، يظهر فيها أنهما ماتا. ويظهر موريارتي على أنه عراب مافيا يحترمه كل مجرمي إنكلترا، ويحميهم جميعا مقابل طاعتهم وحصصٍ من أرباحهم. ويقول هولمز إن أول ما قاده إلى اكتشاف موريارتي كان إ