TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > السياسات العامة..إطار للشراكة نحو التنمية

السياسات العامة..إطار للشراكة نحو التنمية

نشر في: 2 يوليو, 2012: 06:30 م

لبيد جلال الحنفيلقد طُرح مفهوم الشراكة ضمن هذه المعايير، في بداية التسعينات في الخطاب العالمي للأمم المتحدة، وأيضا في مجموعة من المؤتمرات الدولية مثل مؤتمر البيئة في البرازيل سنة 1992، والمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان 1993، والمؤتمر العالمي للمرأة في بكين عام 1995..
فقد أكدت جميع هذه المؤتمرات على أهمية الشراكة كإطار استراتيجي للتنمية، وفي هذا السياق فإن مفهوم الشراكة هنا يعني تضافر جهود الدولة أي العامل الرئيسي والرسمي في صناعة السياسات العامة من جهة، والقطاع الخاص مع المجتمع المدني كجهتين فاعلتين غير رسميتين من جهة أخرى، ضمن صياغة مقبولة تحدد الملامح الجوهرية لهذه الشراكة تنعكس بصورة إجراءات اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية على الواقع الوطني أو الإقليمي وحتى الدولي.وبناءً علية فإن السياسات العامة بهذا المفهوم تعني مشاركة أكبر في تحديد وتحليل المشاكل من قبل عدة فاعلين، وبكلمات أخرى، إن مسؤولية صياغة البنى التشريعية للدولة يشترك فيها جميع الفعاليات الاجتماعية. المهم هنا أن معايير الشراكة من هذا النوع، تؤكد على وجود فاعلين آخرين إلى جانب الحكومة، سواء في ما يتعلق برسم السياسات أو بتنفيذها بل ومتابعتها وتقييمها كذلك.مما لاشك فيه إن الحكومات تمثل إحدى القوى المؤثرة في حركة التنمية بحكم دورها المحوري وموقعها ضمن سلطة صياغة السياسات والقرارات والمراسيم، غير أن الفعاليات الاجتماعية وعلى رأسها القطاع الخاص تمثل بالمقابل القوة والإمكانية التي لايستهان بها في مجال التكنولوجيا والإدارة الحديثة فضلا عن التعبئة الجماهيرية، الأمر الذي غالبا ما تفتقر إليه الحكومات في مؤسساتها عموما، ما يجعل المنطقتين وأعني الفعاليات غيرالرسمية والحكومة عناصر إيجابية تكملان مشاريع التنمية والتحديث المؤسسي لهياكل الدولة والمجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.إن التأكيد مجددا على وجود فاعلين آخرين إلى جانب الحكومات في عملية صناعة السياسات العامة، أو بعملية هندسة مشاريع القوانين، يعكس بوضوح ضرورة أن تتوقف الحكومات عن تحمل المسؤولية الذاتية عن سياسات لم تخضع إلى ما يكفي من الدراسة والبحث والتشاور بما يعرضها إلى احتمالات جدية بالفشل وتعريض الدولة والمجتمع إلى المزيد من الخسائر.. فليس من المعقول أن تفرض مجموعة بسيطة من الأفراد أو أحزاب السلطة أو الإخوانيات برغم أنها منتخبة، سياسات قد تشكل فارقا حيويا لدى مصالح قطاع واسع من المجتمع من دون الرجوع إلى مؤسسات المجتمع المدني وإشراك أكبر قدر ممكن من فعالياته في بنائها،وذلك لضمان أعلى نسبة من الجودة والكفاءة. إن الشراكة المتوخاة بين مؤسسات المجتمع المدني والدولة تفترض بالضرورة الاستقلالية لطرفي العلاقة، لذا فإن استثمار جزء من موارد الثروة القومية وعائدات الدولة العامة مسنودة بمنظومة تشريعية وقانونية تدعم مؤسسات المجتمع المدني وتحفز قطاعه الخاص، لن تؤدي سوى إلى تقوية قوة القرار لدى الحكومات، وتجنبها الاهتزازات والإرباكات السوقية العنيفة، وتمكنها بفاعلية من الاهتمام بشكل اكبر بقضايا التخطيط والتنظيم وإعداد السياسات، ما يعني المزيد من الحرية لها أي الدولة في ترسيخ قاعدة الأمن والقانون، وتثبيت اسس البناء المؤسسي وتحقيق الاستقرارالاقتصادي، وكذلك المزيد من الحرية لمؤسسات المجتمع المدني في المضي قدما لتعزيز دورها، لتصبح أحد الارتكازات المهمة في تحقيق الاستقرار الاجتماعي بما يشجع عمليات التنمية والاستثمار.إن مؤسسات المجتمع المدني في العراق لم تحتل دورها الفعلي بعد، ما يعني ضمنا قطاعا خاصا منزويا وبعيدا عن حقل التأثير التشريعي، وخصوصا ذوي النشاط الصناعي،  و مؤشرات أداء متواضعة، ونسب بطالة مرتفعة، وسياسات مالية متشنجة مع ميزان تجاري بائس، وهذه النقطة بالتحديد تتمحور حول غياب فكرة السياسات الإستراتيجية والتنموية التي تتم دراستها من قبل الشركاء غير الحكوميين من مختصين وباحثين ومراكز دراسات تعنى بشؤون المجتمع المدني ومصالحه الاقتصادية..إن انفراد السياسيين واحتكارهم رسم وإقرار وتنفيذ السياسات العامة، معتمدين على توجهات خاضعة للترقيع والمزاجية والمساومات ذات الأفق الضيق، أدى إلى تحول هذه السياسات إلى مجرد شعارات، وعناوين أيديولوجية، لن تدفع إلا لمزيد من التدهور في هيكلية المجتمع المدني والدولة. إن جميع حكومات العالم المتقدم والدول الكبرى تقوم برسم سياساتها العامة بالتزامن من نبض شركائها غير الحكوميين، آخذة بعين الاعتبار مصالح تلك اللوبيات والتجمعات المجتمعية، فهي لا تعمل إلا بهم ومن خلالهم، ويتم ذلك من خلال أكثر من وسيلة مستخدمة: مراكز ومعاهد البحث والدراسات المختصة لتحقيق هذه الغاية، كما تطرق باب من تتمكن من الوصول إليه من أصحاب المصالح ومؤسسات المجتمع الإعلامية والأكاديمية وماشابه، كي تكون النتائج قدر الإمكان ملامسة الواقع وتؤدي التأثير المطلوب أولا، وترقى إلى مستويات الجودة والكفاءة ثانيا، فتلك الدول تفهم تماما أن عملية إنتاج السياسات العامة ليست مجانية بل هي تماما مكلفة، لذا يتعين توخي الحذر في أن تكون المخرجات غير خاسرة، وكذلك قابلة للصمود ضمن أطر زمنية معقولة بناء على دراس

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram