TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس: إيران .. مع من؟

قرطاس: إيران .. مع من؟

نشر في: 2 يوليو, 2012: 06:31 م

 أحمد عبد الحسينأصدرتْ مؤسسة "كارنيغي" للسلام تقريراً عن الأزمة السياسيّة التي يشهدها العراق الآن. التقرير توصيف للأزمة الحالية وتتبع لجذورها ومنشئها، وفهرسة للقوى المتصارعة وتبويب لنقاط الخلاف. وبهذا فهو لا يكاد يحمل جديداً عدا نقطتين: الأولى تلميحه إلى أن لإيران يداً في تحريض خصوم المالكي على سحب الثقة عنه،
والثانية نصيحة مجانية يزجيها التقرير للسيّد المالكيّ مؤداها: إنْ لم تبحث عن أصدقاء جدد فأنت في مأزق سيلازمك في ما تبقى من ولايتك الثانية التي قد تكون الأخيرة!الإيحاء بأن إسقاط المالكي يصدر بنحوٍ ما عن رغبة إيرانية، استنتاجٌ صعبُ الهضم على من يتابع الحدث عن كثب، وإذا كان التقرير يورد "أدلة" و"شواهد" على ما يقول؛ ملخصها العلاقة التي تربط الصدريين بإيران، فإنّ تلك الشواهد تظلّ مجتزأة ومبتورة ولا يمكن أخذها على عواهنها والاستدلال بها غُفلاً.وقائع كثيرة تثبت أن المالكيّ كان، في مناسبات عدة، رجلَ إيران أكثر من سواه من ساسة العراق، تعامله مع الثورة السورية ودعمه الواضح حيناً والمستتر أحياناً لنظام بشار الأسد، مطلب إيرانيّ استراتيجيّ، مثلها مثل انتهاج المالكيّ سياسة تطمئن إيران على أن الحصار المفروض عليها سيكون أخفّ وطأة بوجود حكومة موالية لها في العراق، وليس اجتماع 5 +1 إلا تتويجاً لهذه العلاقة الخاصة جداً بين المالكيّ والجارة التي يلجأ إليها زائراً كلما ضاقتْ عليه صدور شركائه العراقيين.التقرير صدر قبل أسبوع تقريباً، لكنّ الصحف الممولة من قبل الحكومة نشرته أمس فقط للإيحاء بأن زيارة السيد مقتدى الصدر لإيران تدخل في هذا الإطار "إطار الاستنتاج الذي يلمّح التقرير إليه تلميحاً"، ولإيضاح أن المالكي شهيد "مؤامرات" تحاك في الخارج، فبعد أن كانت تتهم السعودية وقطر بتمويل عملية إسقاط المالكيّ، كان دخول الصدريين على الخطّ إيذاناً بإضعاف اتهام كهذا، فلم يبق إلا إدخال إيران إلى حلبة "المتآمرين" على المالكيّ وحكومته. وجاء تقرير "كارنيغي" ليعطي أتباع المالكي رأس خيطٍ ولو كان واهياً ينفعهم في مبتغاهم.يختتم التقرير بنصيحة المالكيّ أن يكوّن له أصدقاء جدداً، وإلا فإن أياماً سوداً بانتظاره، هذا مطلب صعب على رجلٍ استمدّ الجزء الأكبر من شرعيته من خلال أزماتٍ مع أشخاص كانوا شركاءه، ولم يستطع أن يكسب من أصدقاء إلا من يتماثل معه إلى حدّ التطابق، رجل ارتبط التفاوض عنده بالتهديد، رجل "الفايلات" المؤجلة التي يعرف هو وحده التوقيت المناسب لوصولها إلى المحكمة. رجل أخفى ملفّاً خطراً كملفّ الهاشمي عن القضاء والشعب ثلاث سنين، كان يحتفظ بالملفّ في درج خاص به، ثم وفي لحظة صفاء وإلهام قرر أن يشعل أزمة حدس أنها ستزيد من مقدار شرعية الحكم الآن التي هي شرعية أزمات.ستذهب نصيحة كارنيغي سدى، كما سيذهب سدى استنتاجها المتعلّق برغبة إيرانية في إسقاط المالكيّ. فلا المالكيّ قادر على كسب أصدقاء جدد ولا إيران تريد خسارة صديق قديم أثبت وفاءه وإخلاصه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram