ثامر الهيمصأغلب المشاريع الأساسية ان لم نقل جميعها التي ترسو عليها المناقصات هي غير عراقية. والعذر مقبول ( قلة خبرة وشحة تمويل) فحتى شركة النفط الوطنية الان حسب المعلومات تؤجر أجهزتها للشركات العملاقة التي تمترست بالتراخيص أما الإسكان فأهم ما أعلن عنه هو مشروع بسماية الكوري ولا نعلم هل ستساهم شركات الإسكان كمقاول ثانوي ؟
بأجهزتها أم مواردها البشرية ؟ وهكذا في الصناعة أخيرا" في مشروع الحديد والصلب (التركي كمستثمر). ثم السياحة وهيمنة شركة إيرانية كون السياحة الدينية هي من هناك. وبهذه المناسبة لماذا لا ندعو البان السعودية ومياه الكويت بالاستثمار بدلا" عن الاستيراد بوكلاء عراقيين؟ أين المستثمر العراقي لأشك انه لازال هاربا" أو متهربا" ويعمل من بعيد بعد تأميمات 1964 واشتراكية البعث واتيحت له فرصة في اقتصاد الحرب والحصار بأن أصبح متعهد تجهيز استهلاكي مع محاولات متواضعة في التصنيع العسكري. كما أن هذا المستثمر تعرض في أواخر السبعينات من القرن الماضي وبداية الثمانيات الى عزل طائفي من خلال تجار الشورجة خصوصا" العريق في الاستيراد وكذلك الصناعات الحرفية . بدون الصناعة سواء كانت في النفط أو الصناعة الانشائية أو الصناعة التقليدية لا يمكن ان يرتفع المجتمع عن الهويات الاثنية او الطائفية أو المنطقية. والصناعة بدون صناعي عراقي أيضا" لا يمكن ان تنهض بقيام صناعات المفتاح باليد لان غالب هذه الصناعات لا تمتد الى داخل البلد كمغذ لها بل من خلال الاستيراد الثابت والمنظم للمواد الأولية او ربما حتى التصدير. فالمستثمر العراقي لازال بعيدا" عن هذه الساحة ولذلك نرى حتى الصناعة النفطية الاكثر تأهيلا" من غيرها للنهوض تراجعت في صناعة المشتقات وأصبحنا نستوردها. كما أن الصناعة الانشائية والتقليدية به لازالت حلقاتها الرئيسية بيد القطاع العام الذي نخره الفساد والترهل إضافة الى انه فاقد الصلاحية في ظل العولمة والتراجع الاشتراكي. لذلك نحن امام خيار ان يكون المستثمر العراقي يراوح في دول الجوار مقتنصا" فرص التجارة سريعة الربح سواء في الاستيراد أو العمل المصرفي، أو دخوله بديلا" على الأقل في الصناعة التقليدية أو الاستهلاكية أو في المجتمعات الزراعية والإنتاج الحيواني . فهل يستطيع المستثمر العراقي( التاجر النهاز) حاليا" أو الصناعي في دول الجوار الذي يصدر لبلده مواد استهلاكية أن يتقدم خطوة واحدة وهل هذه الخطوة ستلاقي خطوات رسمية؟ كما ان الديمقراطية المواكبة للتصنيع والمجتمع المدني عادة لازالت ديمقراطية سنة أولى والخشية أن تتراوح في عالم المكونات والتوافقات. فالمستثمر العراقي عليه الانتظار، هل يبادر ويساعد كطبقة عابرة للهويات ما قبل الدولة ليؤسس صناعته وحداثته؟ ام القوى السياسية تقوم بهذا الدور؟ الواضح أن المجتمع بعد أن وصل الى طريق مسدود مع أمراء الطوائف والشيوخ ولم ينقسم كما أرادوا بل عبر عن ذلك في كثير من المناسبات( كهرباء ، رياضة ، خدمات، استياء عام ) على المستثمر العراقي وطبقته بالسعي وراء هذه الظاهرة وتعميقها وتطويرها بدلا" من اللجوء إلى المحاسيب والرشا وهذا طريق مسدود لان الذين يدفعون أكثر أصبح لهم بعداً دولياً وإقليمياً لا يمكن للمستثمر أن ينافس بدونهم . وأن الشركات العملاقة المتقدمة تكنولوجيا" أيضا" تجيد قواعد اللعبة في عمليات التفاوض والتفاهم فالمستثمر العراقي سيعزله تجار آخر زمان ممن تزوجوا السلطة والمذهب يحولون دونه في التجارة والصناعة والزراعة. فالاصطفاف مع أكبر واوسع الشرائح الاجتماعية أجدى اقتصاديا" واجتماعيا" وسياسيا" وشرعيا".
فضاءات: المستثمر العراقي.. أين يقف؟
نشر في: 2 يوليو, 2012: 06:33 م