TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل: ما يعنيه حادثا الرصافة والكرخ

شناشيل: ما يعنيه حادثا الرصافة والكرخ

نشر في: 2 يوليو, 2012: 06:46 م

 عدنان حسينلدينا مشكلة طائفية. لا بدّ أن نعترف بهذا. نعترف به لأنه حقيقة واقعة لا سبيل لإنكارها أو التهوين من شأنها، واستهداف مقر الوقف الشيعي بتفجير إرهابي ثم الرد عليه باستهداف مقر الوقف السني، أحدث دليل في سلسلة أدلة طويلة، فلقد مات الآلاف وأصيب عشرات الآلاف بجروح منذ 2003 حتى الآن في حوادث مضمونها طائفي أو خلفيتها طائفية.
العصبية الطائفية كانت على الدوام موجودة في مجتمعنا، لكنها انحصرت في أوساط محدودة، دينية في الغالب. أما عامة الناس فأغلبيتهم الساحقة لم يكونوا يكترثون بما إذا كان جيرانهم أو زملاؤهم في الدراسة والعمل شيعة أم سنة، ولا حتى مسيحيين أو يهوداً أو صابئة أو إيزيدية. نظام صدام حسين هو من مدّ نطاق الطائفية إلى خارج تلك الأوساط المحدودة، بيد أن النظام الحالي نشرها في كل زوايا المجتمع. هذه أيضاً حقيقة واقعة يلزم أن نعترف بها، فالممسكون بالسلطة منذ 2003 أبلوا بلاء "حسناً" في شحذ السكاكين والسيوف الطائفية (الشيعية والسنية سواء بسواء).بالاعتراف بالعلة نقطع نصف الطريق إلى علاجها، وعلاج العلة الطائفية في مجتمعنا ما كان له أن يكون بالشحن الطائفي، ولا بتشكيل الأحزاب والمجاميع والميليشيات الطائفية، ولا بفصل وزارة الأوقاف إلى ديوان شيعي وديوان سني، ولا بقسمة تلاميذ المدارس في درس الدين إلى صف شيعي وآخر سني، ولا بتدريس المواد المثيرة والمُكرسة للنعرات الطائفية، ولا بتحويل الجامعات إلى جوامع وحسينيات أو ما يشبهها.تفجير مقر الوقف الشيعي بسيارة مفخخة وقصف مقر الوقف السني بقذائف صاروخية أول من أمس إعلان واضح بان الطبقة السياسية الحاكمة (حكومة وبرلماناً) فشلت فشلاً ذريعاً في هذا الميدان أيضاً كما في الميادين الأخرى السياسية والأمنية والاقتصادية والخدمية.  فمن الواضح ان بوسع مجاميع صغيرة أن تُشعل حريقاً اجتماعياً واسعاً وهائلاً في أي وقت وبأي عذر، وهو ما يساعد ويشجّع عليه هذا الشحن السياسي السافر المتردي الذي يتجاوز الحدود المقبولة والمعقولة بين صفوف الطبقة السياسية الحاكمة.البيانات التي أصدرها ديوانا الوقف الشيعي والسني وشخصيات ومراجع دينية ومسؤولون في الدولة بشأن ما حدث أول من أمس في الرصافة والكرخ، عمدت إلى إعطاء الانطباع بان تلك الجريمة حادث عابر يقف وراءه أشخاص هامشيون يريدون ضرب الوحدة الوطنية وتفرقة الصفوف، وبأن هؤلاء الأشخاص لن يستطيعوا تحقيق مآربهم.. هذا كلام غير حقيقي. انه للتسكين والتخفيف، فالذين فجّروا مقر ديوان الوقف الشيعي طائفيون سُنّة متعصبون حرّكهم النزاع الذي فلت من العقال بين ديواني الوقف الشيعي والسني، والذين قصفوا مقر ديوان الوقف السني بالقذائف طائفيون شيعة متعصبون أرادوا الرد على الحادث الأول. ولهؤلاء وأولئك مؤيدون ومريدون وداعمون وحواضن، وهم جميعاً جاهزون للعمل (القتل والتدمير) حين الطلب. تريدون حلّ المشكلة الطائفية في البلاد؟ اعترفوا بها أولاً. لا تصغّروا من صورتها ولا تقللوا من شأنها. والأهم اعترفوا بأن نظامنا السياسي يكرّس هذه المشكلة ويفاقمها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram