سلام خياط لو رصد راصد نوعية المواضيع السائدة التي تتداولها الصحافة العراقية – على وجه الخصوص—لراعه طغيان الشؤون السياسية على ما عداها من شؤون، واستئثارها بحصة الأسد على حساب الأمور الجوهرية الأخرى. انحسر مد الظواهر الثقافية، تقلصت مساحات الرؤى في علم الاجتماع، والاقتصاد، والبيئة، والعلوم، والفنون،والتجارة، وتصدرت السياسة ومماحكات الساسة كل المشهد (باناروما بامتياز).
السيدة (ميم) التي تهديكم السلام وتشفعه بشتيمة مهذبة، تراهنني على خاتم من فضة، لو تجرأت ورفعت _ ظلامتها – دون حذف أو إضافة، إلى مقام اولي الأمر: لإجراء اللازم، وللصحفيين: بسفح قطرات من حبر أقلامهم وتدبيج عريضة (عرض حال) لما يلقاه المتقاعد – من عنت ورهق و هو يقف ذليلا لاستلام راتب هو حق حلال له، وواجب حتم ودين حال الأداء في ذمة الدولة.خريجة جامعية، عاطلة عن العمل بالإكراه، أستلم راتب الزوج المتوفي بمعدل (200) ألف دينار شهريا. تتعرقل المعاملة كلما حان موعد الاستلام، والأسباب: أوهى من بيت العنكبوت. لذا أضطر لشراء (هدايا)، أدسها خفية بيد الموظفة (آآت) المكللة سواعدهن بالأسورة الذهب!وأجدني كل مرة أحسب حساب الهدايا (الأتاوة) وأجور المواصلات فأجد ان ما تبقى من الراتب التقاعدي لا يتعدى المئة دولار. علي أن أعتاش عليها، وأشارك في دفع الإيجار لسكن مشترك.كل مرة أتوجه لاستلام الراتب التقاعدي، يعتريني هلع ضروس:أن أعود صفر اليدين لسبب واه او مفتعل.الزحام على أشده في البناية القديمة والحر قاتل، والطابور طويل، بعد انتظار، وتدقيق، وإعادة تدقيق، تسلمني الموظفة رزمة ضخمة من أوراق نقدية متهرئة من فئة الخمسمئة دينار.. تقول بصرامة: (أحسبيها) وعجلي.. هيا عجلي فالطابور طويل.... أحسبها؟! تعتريني رجفة.. حسابها يقتضيني ربع ساعة او أكثر وهي ما تزال تحثني: عجلي،.. أتوقف عن العد، (أكمكم) رزمة النقود المتهرئة في كفي المرتعشة، أدسها في حقيبة اليد وأسحل قدمي سحلا خارج البناية الخانقة الأجواء.في البيت، زين لي الشيطان أن أعد نقود الرزمة، لأكتشف انها مئة وثمانون و ليست مئتين! ألهذا السبب كانت الموظفة تحثني على العد السريع التعجيزي؟؟ أتساءل: لو ان الموظف او الموظفة، استل _ او استلت من كل رزمة تقاعدية عددا من الأوراق، فكم ستكون حصيلة هذه السرقة الشيطانية (الذكية) كل شهر وعلى مدار السنة؟ومن هو أو هي، او هم، اولئك الذين خططوا لاقتراف كل هذا الإثم.. سألوا رجلا في سوق السمك، يقرب أنفه من ذيل السمكة، قبل أن يشتريها: الناس تتشمم رأس السمكة للحكم على كونها طازجة، وأنت تتشمم ذيلها؟؟! أجاب: فساد الرأس أمر مفروغ منه ولا جدال حوله، لذا ترونني أشم الذنب لأتأكد هل تسلل العطن والفساد إلى الذيل؟؟ النادرة أعلاه كانت متداولة وشائعة في العهد الملكي!!.ويقال إنها كانت تروى تندرا على لسان المرحوم نوري السعيد!!!
السطور الأخيرة :ليس بالسياسة وحدها يحيا الإنسان
نشر في: 2 يوليو, 2012: 07:03 م