TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > تواقيع بـالمالج والدّم

تواقيع بـالمالج والدّم

نشر في: 2 يوليو, 2012: 07:28 م

قيس قاسم العجرش اللجوء إلى الدم في التواقيع لأغراض"التواصل السياسي"الورقي وفي توثيق تأكيدات الأتباع للمتبوعين يثبت بوضوح أن مانحي الدم للورقة مستعدون فقط لمنحه في هذا النطاق"على الورق" ولاغير. التأكيد"بالدم" يبدو أنه ينفي أكثر مما يؤكد.وهو يشير بصراحة إلى أن مانحيه لم تعد كلمتهم تكفي أو حتى تواقيعهم كي تؤكد ما يقولونه ،فهم بحاجة إلى استظهار تقليعة جديدة كي يظن المتبوع أن هؤلاء لن يكذبوا كما فعلوا في السابق وإلا ما الحاجة إلى الدم هذه المرة؟.
هو تأكيد في مقام لم تنفع فيه التأكيدات السابقة؟. لكن حزمة التدليس وتغيير الثياب السياسية تسرّبت إلى كل شيء ولوّثت كل شيء مثل كيروسين ناضح ، حتى من يبدو أنه أخلص الأتباع لأكثر المتبوعين طلباً واشتراطا للإخلاص من تابعيه، حتى بين هذين ما عادت وسائل التواصل الإنساني المعتادة كافية والتي عادة ما تكون اللغة وسيطها. فقط لغة الدم هي التي ستحمل الوثوق هذه المرة.هكذا قال الموقّعون عليه. مفارقة النفي أنه يكون في بعض الأحيان أفضل تثبيتاً ألف مرة من جمهرة براهين الإثبات. نفي واحد ثم ينفضح كل الزغل والخوف الذي يحاول أن يخفيه "النافي"خلف تأكيداته المتكررة،كالذي يحلف مراراً وتكراراً في بيع يوميي رخيص، كلما أثخن أسماع الزبون في حلفانه تسرب الشك إلى قلب الزبون و"جيبه" فازداد تمسكاً بنقوده التي ستهدر مع هذا البائع كثير الحلفان.لكن هذه البضائع السيميائية في الدلالة والقاصرة عن التواكب مع اللحظة النفسية العراقية والمفرطة في عطشها قد تجاوزها سوق المواطن العراقي المزاجي جداً والحساس جداً تجاه تعمّد تغيير وسائل الإيصال للرسائل. واقع الحال أنه يتعامل معها،لفرط حساسيته،على أنها محاولة نصب جديدة.شهدتُ قبل أيام مشهد مقهى بغدادي يضم عشرات المتهكمين في لحظة عراقية واحدة تجاه ما كان يعرضه التلفزيون الحكومي من اهتمام عبر(الطاسة والمالج) بأعلى المستويات لأكبر مشروع سكني عرفته"آذان"الناس. لم يتهكـّم الحاضرون ويسخروا من المشروع ووجوده الجدلي قدر سخريتهم من فشل الرسالة ذاتها وتهافت الأسلوب وعتق المضمون.النقمة الساخرة توجهت بين جمع الجالسين إلى نوعية الخطاب الذي حملته لحظة التواصل وهي تمدح وتقدح بالمشروع الذي لم ير النور أو حتى الظلام لأنه غير موجود. ظن مرسل الخطاب لحظتها أنه قد استوفى بمتطلبات"اللغة"التي يخاطب بها الناس ..ظن أنه من صنف الإثم المتعثر حصراً. لحظة الواقع وعين اليقين في هذا المشهد كان هو المقهى البائس ومحيطه المترب وشارعه المتخسّف والمولد الكهربائي الذي "يسطر"الجالسين،كان هذا فرط الواقع الذي هيمن وطغى ومحا معاني صورة الطاسة والمالج التي افترض حاملها أنه أقنع الناس ومن ثم صدقه بأنّ هنالك مسكناً لكل مواطن، بالضبط مثلما هيمنت ذات روح السخرية المألومة على الرد الجوابي في المقهى وبالضبط كما تعاملت أسماع الناس مع المؤكدين بالروح وبالدم لمواقفهم السياسية.الدم والمالج رسائل صار من الصعب على"تحديثات"الزمن العراقي الأغبر أن يبلعهما بسهولة، هو بحاجة إلى بلل الريق أولاً قبل أن يصدّق أي شيء.لكنها محاولة طفولية أولى ..عليكم بغيرها وتجاوزوا الورقة الملكوعة والطاسة الإسمنتية إلى ما هو أفضل.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram