اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > وثيقة العهد

وثيقة العهد

نشر في: 3 يوليو, 2012: 07:25 م

فريدة النقاشلم تنجح القوى الديمقراطية من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات عامة حتى الآن في إجراء نقاش مجتمعي واسع حول «وثيقة العهد» التي توافقت عليها وطرحتها على الرأي العام ومرشحي الرئاسة للاسترشاد بها في حكم البلاد.
ولاتزال الفرصة مواتية لإجراء مثل هذا النقاش في الأيام المعدودة المتبقية  على إجراء جولة الإعادة.وبالقراءة المتأنية لهذه الوثيقة توقفت أمام قضايا جوهرية بل وحاسمة في تحديد المسار الديمقراطي للبلاد إما أن الوثيقة تجاهلتها أو مرت عليها مرور الكرام، أولها نصت الوثيقة على التمسك بالمادة الثانية من دستور البلاد والإعلان الدستوري والتي تقرر أن الإسلام دين الدولة وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وتجاهل الذين وضعوا هذه الوثيقة التاريخ الطويل لهذه المادة في الدساتير المصرية فأصل هذه المادة في التاريخ الدستوري المصري هي المادة 149 من دستور 1923 والتي نصت على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، وكان النص على دين للدولة في ذلك الحين وفي أعقاب الثورة الوطنية الكبرى عام 1919 التي كان شعارها الدين لله والوطن للجميع وكان النص بمثابة تحية كريمة من المشرع الدستوري لديانة الأغلبية  على ألا يرتب ذلك تمييزا في الحقوق والواجبات العامة بين المواطنين على أساس العقيدة الدينية.وتكرر النص بصيغته تلك أي الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية في دستور 1930 ودستور 1956 ودستور 1964، بينما خلا مشروع دستور 1954 والدستور المؤقت للجمهورية المتحدة إبان الوحدة مع سوريا من أي إشارة لدين الدولة.ولأول مرة في التاريخ الدستوري المصري نصت المادة الثانية من دستور 1971 على أن الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع ثم جرى تعديل هذه المادة عام 1980 لتصبح مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وكان وضع النص بهذه الصورة ثم تعديله بإضافة ألف لام التعريف مناورة سياسية من الرئيس الراحل أنور السادات خلال صراعه مع شركائه في الحكم من رجال عبدالناصر ثم مع اليسار الشيوعي والناصري الذي عارض انقلاب القصر الذي قاده السادات في مايو 1971 وتحالف السادات في هذه المناورة مع جماعة الإخوان المسلمين وسمى نفسه الرئيس المؤمن وأخذ اسمه يبدأ بمحمد بعد أن كان معروفا أنه أنور السادات فقط وأعلن أنه سوف يبني دولة العلم والإيمان وشن حملة واسعة على اليساريين باعتبارهم ملحدين.وحين أجرى السادات تعديل النص على مبادئ الشريعة لتصبح المصدر الرئيسي للتشريع اعتكف البابا شنودة احتجاجا مستشرفا ما سوف يفضي إليه هذا الإجراء من صراعات طائفية وإجحاف بالمسيحيين.والآن تنطلق دعوات لاستبدال مبادئ الشريعة بأحكام الشريعة وذلك في سياق النفوذ المتزايد للإسلام السياسي هذا بينما اقترح مشروع الدستور الذي قدمه حزب التجمع نصا يقول «إن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية والشرائع السماوية والقيم العليا للأديان مصدر رئيسي للتشريع ويكفل الدستور تنوع مصادر التشريع بما يعكس الروافد المتنوعة للهوية الوطنية ويساعد على تعزيز الوحدة الوطنية، وعدم فرض تشريعات تنظم حياة المواطنين في المجال الخاص تتناقض مع معتقداتهم، أو ينظم المجالين العام والخاص بشكل يتناقض مع ضمانات حقوق الإنسان والحريات العامة.كذلك فإن الوثيقة في مادتها الخاصة التي تنص على احترام الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الرأي والتفكير والتعبير تجاهلت واحدة من أهم الحريات بل إنها الحرية الأصل وهي حرية الاعتقاد، وفي ظني أن كل هذه التنازلات هي خضوع للابتزاز الذي يمارسه الإسلام السياسي باسم الدين.ويرتبط بغياب حرية الاعتقاد تحصينها لمرجعية الأزهر دون توقف أمام اتجاه الأزهر هذه الأيام لخطر الحريات الدينية لكل من الشيعة والبهائيين وهو ما يتنافى مع حرية الاعتقاد وحقوق أصحاب العقائد المخالفة للأغلبية.وفي المادة الرابعة عشرة طالبت الوثيقة بأن يلتزم الرئيس القادم باحترام ما قرره الدستور من حظر أي تنظيمات سياسية أو أحزاب على أسس دينية أو طائفية وأسقطت المادة أو مرجعية دينية وهو النص الذي كان قائما في دستور 1971 ثم أسقطه الإعلان الدستوري ليمكن الإخوان المسلمين من إنشاء حزبهم دون أي فروق بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين الدعوية والتي تفتقر حتى الآن للأساس القانوني.أما العدالة الاجتماعية في المادة السابعة عشرة فلا تعدو أن تكون كلاما عاما عن تحقيق التوازن في الدخول وتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين مما يجعلها مادة هامشية لا ترقى إلى حتى خدش الطابع السياسي الليبرالي للوثيقة دون أن ترقي حتى هذه الليبرالية ذاتها للاتساق مع الأصول الفلسفية لليبرالية التاريخية وكان أساسها حرية الدين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram