اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > يوميات "إحسان شيرزاد": معنـى أن تكـون مثـقفاً (1-2)

يوميات "إحسان شيرزاد": معنـى أن تكـون مثـقفاً (1-2)

نشر في: 3 يوليو, 2012: 07:32 م

د. خالد السلطانيتتيح المذكرات المكتوبة، إمكانية التلاقي وجهاً لوجه مع مصائر أناس متنوعي الاهتمامات والمهن والمسارات. ويُعد بعضها، بعض تلك المذكرات، بمثابة "مستودع" لأفكار، ومعارف، وتجارب متنوعة، خاضها المؤلف: صاحب هذه المذكرات، ويسعى وراء تقديمها لمتلقي كتابه. إنها حياة "مضغوطة" ضمن صفحاتها المكتوبة، بكل أفراحها وأتراحها، نجاحاتها وحتى إخفاقاتها.
لكن الأهم في كل ذلك "رؤية" مسار حياة الشخص/ الكاتب ومتابعته، يوما بعد يوم، وهو يسرد خبرته الطويلة، مطلعاً عصارة تجربته الحياتية لنا: نحن القراء، للعلم .. وللتعّلم. وكتاب "مذكرات الأستاذ الدكتور إحسان شيرزاد: مهندساً وأكاديمياً ووزيرا" (الصادر حديثاً <2011>، والمطبوع في الأردن، عدد الصفحات: 896 صفحة من القطع المتوسط)؛ يمكن إن يكون نموذجاً لنوعية كتب السيرة، التي تحدثنا عنها تواً. فهو، أي الكتاب، ما برح يضيف لقرّائه معارف متنوعة، ويثري ذخيرتهم بتجارب مفيدة، فكاتب السيرة، ليس فقط مهندساً ، كما انه ليس فقط أكاديمياً، ولا حتى.. وزيراً فحسب، (كما يصفه، وبحق، عنوان الكتاب). انه قبل كل شيء مثقف، وثقافته تلك مترعة بالحس الإنساني. من هنا، في اعتقادي، مصدر الإحساس بالألفة الآسرة التي تتشكل بين كاتب المذكرات وقارئها، الألفة التي تشي بالتواضع، التواضع الذي يولّد البساطة، البساطة "المعجونة" بالعذوبة، الطافحة بها سرديات "شيرزاد"!. يتحدث إحسان شيرزاد في مذكراته، عن مواضيع وأحداث شتى، تعكس اهتماماته العديدة. والتي في معظمها يبدو فيها "فاعلاً" رئيسياً، في تكوّنها وظهورها، وأحياناً في تأسيسها؛ وليس مشاهداً لها أو شاهدا عليها فحسب. ولهذا  فإن كل ما أتى في كتابه، يُعتبر وثائق هامة للأحداث التي مرّ بها شخصيا، ومرّ بها وطنه. وبالتالي فإن تلك المذكرات، هي في الواقع، تعد مرجعاً رصيناً، لا يستغنى عنه لمن ينشد التعاطي الآن (وفي المستقبل!) مع الشأن العراقي سياسياً ومهنياً واثنياً. وفي هذا الصدد يكتب د. كمال مظهر في تقديمه للكتاب، بان ".. يوميات الأستاذ إحسان شيرزاد عن أحداث 1968 مصدر مهم ونادر لطلبة الماجستير والدكتوراه في أقسام التاريخ في الجامعات العراقية. ينطبق القول نفسه على يومياته عن أحداث سنة 1969 الطافحة بالمتغيرات، وكذلك الحال بالنسبة ليومياته عن أحداث الأعوام 1972-1974 التي مهدت الطريق لاندلاع الثورة الكردية من جديد. كل ذلك وغير ذلك الكثير والكثير يجعل من مذكرات الأستاذ إحسان شيرزاد حالة نادرة في مضمارها..". (ص.9).  سأتجاوز، هنا، النشاط السياسي لصاحب المذكرات، مع أني مقتنع بمصداقية ما كتبه صديقي د. كمال مظهر، بان نشاط شيرزاد السياسي "..إضافة فكرية نادرة الى المكتبة العراقية".  سأتوقف، (بما تتيحه من مكوث طبيعة هذا المقال)، عند جانبين: الأكاديمي والمهني، وهما جانبان اقرب إلى قلبي شخصياً، وأحدس بأنهما أحب إلى قلب شيرزاد أيضاً؛ نظرا للإحالات الكثيرة المبثوثة في اليوميات، والتي تتحدث عن هذا الشأن. حصل إحسان شيرزاد على شهادة البكالوريوس، بامتياز سنة 1946 من كلية الهندسة العراقية، في أول دفعة من الخريجين. ونال شهادة الماجستير في الهندسة المدنية/ إنشاءات من جامعة ميشغان بأميركا عام 1950. كما حصل على شهادة بكالوريوس قانون من كلية الحقوق بجامعة بغداد عام 1962، وبامتياز ايضاً. وحصل على شهادة الدكتوراه في الإدارة، من جامعة كاليفورنيا للدراسات العليا (دراسة خارجية دون إقامة) سنة 1987. عين في كلية الهندسة محاضرا عام 1950، وتدرج في السلم الأكاديمي فيها، وصولاً لأعلى مرتبة علمية، حين منح لقب "أستاذ" عام 1965، بعدها نال لقب "أستاذ متمرس" عام 1988. وإضافة إلى عمله الأكاديمي والبحثي (إذ انه نشر عدة بحوث في حقل الاختصاص في مجلات علمية)، انخرط إحسان شيرزاد في العمل المهني والنقابي، طيلة عقود عديدة لحين تقاعده الطوعي مؤخراً. عندما يتحدث إحسان شيرزاد عن كلية الهندسة، هو الذي تعلم في أروقتها اعتباراً من 1942 ولحين تخرجه في 1946، (آتياً لها هرباً من الكلية الطيبة، بعد فزعه في رؤية الجثث البشرية وإجراءات تشريحها)، فانه يتحدث عنها كـ"صديق" تربطه معها علاقة حميمية، متذكراً أسماء زملائه المقبولين الأوائل، والذي كان هو من ضمنهم.(ص.31) وكذلك أسماء الأساتذة الذين درسّوا فيها، مع ذكر جنسياتهم، التي كانت، حينذاك، عديدة ومتنوعة، تشمل الانكليزي، واللبناني والمصري والهندي بالإضافة الى العراقيين، الذين كان عددهم ستة من مجموع 13 أستاذا؛ أربعة منهم على الديانة الموسوية (ص.33). ما يعكس التنوع الخلاق في المجتمع البغدادي وقتذاك. ينقلنا كاتب المذكرات عبر يومياته الى "الأجواء"  التي كانت سائدة فيها حينذاك، وخصوصا في الطابق الأعلى من المبنى الواقع في باب المعظم، (والذي شغلته الكلية لعقود كثيرة، قبل أن تنتقل إلى مقرها الجديد  بالجادرية في سنة 1984)،  حيث شغل كقسم داخلي للطلبة الدارسين من خارج بغداد. ونعرف منه عن الضوابط السارية فيه، وكذلك أنواع الأنشطة التي جرت وقتذاك. كما يذكر احسان شي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram