TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > من داخل العراق:قوائم السعادة

من داخل العراق:قوائم السعادة

نشر في: 4 يوليو, 2012: 06:39 م

 وائل نعمة الاستراليون من أكثر الشعوب سعادة في العالم .تقرير دولي  صدر مؤخرا عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية و أستراليا في قائمة الدول الأكثر سعادة من حيث مستوى الدخل والوظائف والصحة. لم يذكر التقرير في أي مركز أدرج العراقيين في قائمة السعادة العالمية، ولكن يمكن من داخل العراق أن نقيّم مدى سعادة شعبنا، ونحن نكون أدق تشخيصاً من مؤسسات متحيزة ولا تعرف كيف نعيش في العراق . كما يقول البعض .
يستيقظ شعبنا على صوت مولدة الجيران وهي تزعق بشدة، أو صوت انفجار عبوة قريبة هشمت النوافذ... الكهرباء مقطوعة، يخرج أفراد الشعب للشارع فيصطدم بمدى حرارة الجو منذ ساعات الصباح الأولى، "الكيا " وسيلة المواصلات الأكثر انتشارا في العراق نوافذها متحجرة ومقاعدها ممزقة، الازدحامات تأزم الوضع أكثر والتقاطعات مرصوصة بالسيارات التي تبعث حرارة وروائح البنزين "المحسن".الكثير من دوائرنا الحكومية من دون تبريد، يصل الموظف ويواجه مراوح صغيرة و"مهفات" يدوية طوال اليوم، وهو يفكر في مصاريف مدارس الأبناء، والطماطة والفواكه وحليب الأطفال، ولا تسقط المولدة وإيجار المنزل الذي يقضم ثلاثة أرباع المرتب من حساباته.عند الظهيرة الازدحامات تتضاعف والحرارة تشتد وقد يفاجئك حادث عرضي، انفجار سيارة ملغمة أو شيء من هذا القبيل. في المنزل لديك عمل آخر " مولدة انطفت الوطنية رجعت ....."، وعليك ان تتعامل مع بائع البنزين بـ"الجلكانات" وهذا مصروف آخر، وتتودد الى مشغل المولدة المراهق الذي يخفي وراء ظهره عشيرة كبيرة يهددك بها كلما حاولت أن تطالب بحقك بعدد الامبيرات .هل ما زلنا نسأل عن السعادة؟!! الأمهات دوما يصرخن ويلعنّ اليوم الذي قررن فيه الزواج وإنجاب الأطفال . مشهد يتكرر دوما أمامي "الأم تسحب طفلا بقوة في الشارع وكأنها تجر خروفا من كثر الجزع، وحين يمتنع تقوم بضربه وتنهره" كوم ابن ...."، وفي البيت تعاقبه بـ"الجوي" ... قنينة الغاز فارغة، والماء مقطوع تقول أكثر ربات البيوت هذه الجملة "أريد أموت أفضل من هاي العيشة".الأرامل بالملايين في العراق يشعرن بقمة السعادة وهن يواجهن الحياة بمفردهن مع قصص الجيران التي تحاك حول حياتهن التي تنطوي على  الكثير من التشويق والبهارات. تبدو الأرملة فرحة جدا وهي تربي أطفالها بدون اب، وتتذكر كل يوم وهي تنظر الى صورته التي تتوسط صالة البيت كيف كان اليوم الذي عرفت فيه ان رجلا ملثما اطلق رصاصة من مسدس كاتم للصوت على رأس زوجها حينما كان يرفض ترك منطقته التي عاش فيها لاكثر من ثلاثين عاما، وكيف ترك ابنه البكر المدرسة ويعمل ببيع الاكياس في السوق. معدلات السعادة ترتفع مع طوابير ذوي الرعاية الاجتماعية و"الفلاسين" التي يحصلون عليها ، أمراضهم المزمنة وعلاجاتها التي تختفي من المستشفيات ، بسبب موظف فاسد قام بالاستيلاء عليها وبيعها الى مذاخر خارجية بمئات الدولارات...والقائمة تطول بمعايير السعادة، لذلك سأفكر في ما بعد في اي مركز وضِع العراق لان الكهرباء انقطعت الآن....!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram