عامر القيسي ربما يكون غريبا أن أطالب بأن يمتد أفق الأزمة السياسية الحالية زمنياً إلى فترة أطول، والسبب بكل بساطة هو أننا، أو أنا، أستمتع بهذه الفرجة السياسية التهريجية.. فقد كشفت لنا الأزمة الأخيرة أننا أمام نمط من السياسيين نوابا ووزراء وقياديين في كتل سياسية فاعلة وغير فاعلة في العملية السياسية، يتمتعون بميزات من النادر جدا في عالم السياسة أن تجد لها مثيلا،وربما هي ميزات تخصهم وحدهم دون سواهم، فهم:
أولاً: لايصدقون الجمهور القول، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أن أحدا لا يستطيع أن يطابق رقمين من الأرقام المرفوعة لرئيس الجمهورية لغرض سحب الثقة من رئيس الوزراء، فقد تراوحت التواقيع في تصريحاتهم من أكثر من 200 إلى أقل من 100 توقيع والجميع دون استثناء يحلفون أغلظ الأيمان أن أرقامهم هي الصحيحة وما سواها أوهام وأحلام، وفي حين يقول بعضهم إن سحب الثقة قضية رقّن قيدها وأصبحت من الماضي، يقول غيرهم إننا في المرحلة الثانية من هذه العملية.أين الحقيقة؟.. لاأحد يعلم حتى الآن باستثناء عبقرية المحللين السياسيين! ثانياً: لم أسمع على الإطلاق أن رئيس وزراء دولة يتهم نوابا للشعب بالتزوير ويلوح لهم بسوقهم إلى سوح القضاء، وأن فعلتهم لن تمر دون حساب، وهو مشهد سياسي يؤشر إلى طبيعة العلاقة المتردية والمحكومة بالتربص بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ويزكي بعض استنتاجاتنا من أن مشهدا كهذا لم ولن نرجو منه خيراً على مستويات الحياة كافة.ما العمل حين يتبادل المالكي والنجيفي الاتهامات؟.. الانتظار حتى تفرج الغمة!ثالثا: كشفت لنا الأزمة الحالية، وكل التي سبقتها، أننا أيضا أمام ملفات للفساد واللصوصية وتبديد المال العام وجرائم الإرهاب والاغتيالات موجودة في أدراج الجميع يلوحون بها متى شاءوا لأغراض سياسية ضيقة، وتنبع خطورة هذا السلوك من الاشتراك الفعلي بين الفاسد والقاتل والساكت معا عن هذه الملفات التي يتستر عليها في الأدراج المغلقة بانتظار لحظة الانقضاض على الخصوم، قضية طارق الهاشمي أنموذجاً!من يحاسب هؤلاء؟.. العلم عند عرّابي الصفقات السياسية وتوزيع المناصب والامتيازات!رابعا: فرجة الكوميديا السوداء هذه كشفت لنا عن أن لدينا نوابا يمثلوننا لهم ثمن في البازار السياسي العراقي، وأراحنا أحد نواب دولة القانون حين قال، إن ثمن النائب وصل إلى 400 ألف دولار لقاء تغيير موقفه والانتقال من خندق إلى خندق آخر، فيما كشف آخرون أن الحكومة تلوّح بكراسي الوزارات والهيئات المستقلة.من باع ومن اشترى؟.. انتظروا نهاية الأزمة!خامسا: لم تكشف هذه الأزمة، وإنما أكدت لنا بما لا يقبل الجدل، أن عمليتنا السياسية والقرارات الحاسمة فيها تطبخ خارج الحدود بمديات أوسع من التأثيرات التقليدية والمنطقية والمقبولة في الصراعات من النمط العراقي،كما أكدت لنا الأزمة أن تأثيرات الخارج هي العامل الحاسم إلى حد بعيد في مستقبل العملية السياسية، ولا نتجنى على أحد فمعظهم تراشقوا بتهم من طراز أن بعض القرارات التي تهمنا تؤخد في البرلمان الإيراني فيما تؤخذ الأخرى في اسطنبول وغيرها من القرارات موزعة على البقية والله أعلم.هل هذا معقول؟.. هم يقولون لنا إن هذا معقول جدا!هذا هو الفصل الأول من الفرجة العراقية والبقية تأتي تباعا! سلامات.
كتابة على الحيطان:أمنية غريبة للفرجة العراقية!
نشر في: 4 يوليو, 2012: 07:00 م